زعموها إقدامه على ما يحتمل معه ظنهم لكذبه، أو يكون قوله غير الحق في زعمهم مردداً بين أن يكون قاله عن تعمد أو حمله عليه ما رموه به من السفه من غير تأمل. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٥١ ـ ٥٢﴾
فصل
قال الفخر :
قال تعالى في قصة نوح :﴿قَالَ الملأ مِن قَوْمِهِ﴾ [ الأعراف : ٦٠ ] وقال في قصة هود :﴿قَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ﴾ والفرق أنه كان في أشراف قوم هود من آمن به، منهم مرثد بن سعد، أسلم وكان يكتم إيمانه فأريدت التفرقة بالوصف ولم يكن في أشراف قوم نوح مؤمن.
والفرق الرابع : أنه تعالى حكى عن قوم نوح أنهم قالوا :﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضلال مُّبِينٍ﴾ وحكى عن قوم هود أنهم قالوا :﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذبين﴾ والفرق بين الصورتين أن نوحاً عليه السلام كان يخوف الكفار بالطوفان العام وكان أيضاً مشتغلاً بإعداد السفينة وكان يحتاج إلى أن يتعب نفسه في إعداد السفينة، فعند هذا، القوم قالوا :﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضلال مُّبِينٍ﴾ [ الأعراف : ٦٠ ] ولم يظهر شيء من العلامات التي تدل على ظهور الماء في تلك المفازة أما هود عليه السلام فما ذكر شيئاً إلا أنه زيف عبادة الأوثان ونسب من اشتغل بعبادتها إلى السفاهة وقلة العقل فلما ذكر هود هذا الكلام في أسلافهم قابلوه بمثله ونسبوه إلى السفاهة ثم قالوا :﴿وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذبين﴾ في ادعاء الرسالة واختلفوا في تفسير هذا الظن فقال بعضهم : المراد منه القطع والجزم، وورود الظن بهذا المعنى في القرآن كثير قال تعالى :﴿الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ﴾ [ البقرة : ٤٦ ] وقال الحسن والزجاج : كان تكذيبهم إياه على الظن لا على اليقين فكفروا به ظانين لا متيقنين، وهذا يدل على أن حصول الشك والتجويز في أصول الدين يوجب الكفر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٢٦ ـ ١٢٧﴾