وقال السمرقندى :
﴿ أَوَ عَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِن رَّبِّكُمْ ﴾
يعني : الرسالة والبيان ﴿ على رجل منكم ﴾ تعرفون نسبه ﴿ لِيُنْذِرَكُمْ ﴾ بالعذاب ﴿ وَاذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ﴾ أي جعلكم خلفاء في الأرض بعد هلاك قوم نوح ﴿ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ﴾ أي : فضيلة في الطول على غيركم.
والخلفاء والخلائف جمع الخليفة.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو بسْطة بالسين.
وقرأ حمزة بإشمام الزاي.
وقرأ الباقون بالصاد.
قال ابن عباس رضي الله عنهما كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعاً.
وروى إبراهيم بن يوسف عن المسيب عن الكلبي قال : كان طول قوم عاد أطولهم مائة وعشرين ذراعاً وأقصرهم ثمانون ذراعاً. (١)
وقال مقاتل عن قتادة : كان طول كل رجل منهم اثني عشر ذراعاً فذلك قوله ﴿ التى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى البلاد ﴾ [ الفجر : ٨ ] ويقال : كان بين نوح وبين آدم عشرة آباء كلهم على الإسلام.
وكان إدريس جد أبي نوح ولم يكن بين آدم ونوح نبي مرسل، وكان إدريس نبياً ولم يؤمر بدعوة الخلق، ويقال : أنزل عليه عشرون صحيفة، وقد آمن به كثير من الناس، وكان بين نوح وإبراهيم ألف سنة ويقال : ألفان وأربعون سنة وكان بين إبراهيم وموسى ألف سنة.
وكان بين موسى وعيسى ألف سنة.
وبين عيسى ومحمد عليه السلام خمسمائة سنة.
وكان هود بين نوح وإبراهيم فلما دعا قومه فكذبوه، أنذرهم بالعذاب، وقال : إن الله تعالى يرسل عليكم الريح فيهلككم بها، فاستهزؤوا به وقالوا : أي ريح يقدر علينا، فأمر الله تعالى خازن الريح أن يخرج من الريح العقيم التي هي تحت الأرض مقدار ما يخرج من حلقة الخاتم، كما قال في آية أخرى ﴿ واستمع يَوْمَ يُنَادِ المناد مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ [ الذاريات : ٤١ ] فجاءتهم وحملت الرجال والدواب كالأوراق في الهواء فأهلكتهم كلهم فلم يبق منهم أحد.
________
(١) هذا الكلام مخالف لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال :"إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن".