فقصدوا ممّا دلّ عليه فعل المجيء زيادة الإنكار عليه وتسفيهَه على اهتمامه بأمر مثل ما دعاهم إليه.
و﴿ وحده ﴾ حال من اسم الجلالة وهو اسم مصدر أوْحَده : إذا اعتقده واحداً، فقياس المصدر الإيجاد، وانتصب هذا المصدر على الحال : إمّا من اسم الجلالة بتأويل المصدر باسم المفعول عند الجمهور أي مُوحَّداً أي محكوماً له بالوحدانيه، وقال يونس : هو بمعنى اسم الفاعل أي موحِّدين له فهو حال من الضّمير في ﴿ لنعبد ﴾.
وتقدّم معنى :﴿ ونذر ﴾ عند قوله تعالى :﴿ وذر الذين اتّخذوا دينهم لعباً ولهواً ﴾ في سورة الأنعام ( ٧٠ ).
والفاء في قوله : فأننا بما تعدنا } لتفريع طلب تحقيق ما توعدهم به، وتحدّياً لهود، وإشعاراً له بأنّهم موقنون بأنْ لا صِدْق للوعيد الذي يتوعّدهم فلا يخشون ما وعدهم به من العذاب.
فالأمر في قولهم :﴿ فأتنا ﴾ للتّعجيز.
والإتيان بالشّيء حقيقته أن يجيء مصاحباً إيَّاه، ويستعمل مجازاً في الإحضار والإثبات كما هنا.
والمعنى فعجل لنا ما تعدنا به من العذاب، أو فحقّق لنا ما زعمتَ من وعيدنا.
ونظيرُه الفعلُ المشتقّ من المجيء مثل ﴿ ما جئتنَا ببيّنة ﴾ [ هود : ٥٣ ] ﴿ الآن جئتَ بالحقّ ﴾ [ البقرة : ٧١ ].
وأسندوا الفعل إلى ضميره تعريضاً بأن ما توعدهم به هو شيء من مختلقاته وليس من قِبَل الله تعالى، لأنّهم يزعمون أنّ الله لا يحبّ منهم الإقلاع عن عبادة آلهتهم، لأنّه لا تتعلّق إرادته بطلب الضّلال في زعمهم.