إذا ثبت هذا فقوله :﴿قد وقع عليكم من ربكم رجس﴾ يدل على أنه تعالى خصهم بالعقائد المذمومة والصفات القبيحة، وذلك يدل على أن الخير والشر من الله تعالى، قال القفال : يجوز أن يكون الرجس هو الازدياد في الكفر بالرين على القلوب كقوله تعالى :﴿فزادتهم رجساً إلى رجسهم﴾ [ التوبة : ١٢٥ ] أي قد وقع عليكم من الله رين على قلوبكم عقوبة منه لكم بالخذلان لألفكم الكفر وتماديكم في الغي.
واعلم أنا قد دللنا على أن هذه الآية تدل على أن كفرهم من الله، فهذا الذي قاله القفال أن كان المراد منه ذلك.
فقد جاء بالوفاق.
إلا أنه شديد النفرة عن هذا المذهب وأكثر تأويل الآيات الدالة على هذا المذهب تدل على أنه لا يقول بهذا القول وإن كان المراد منه الجواب عما شرحناه، فهو ضعيف لأنه ليس فيه ما يوجب رفع الدليل الذي ذكرناه، والله أعلم.
وحاصل الكلام في الآية : أن القوم لما أصروا على التقليد وعدم الانقياد للدليل زادهم الله كفراً، وهو المراد من قوله :﴿قد وقع عليكم من ربكم رجس﴾ ثم خصهم بمزيد الغضب، وهو قوله :﴿وغضب ﴾.
ثم قال :﴿أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان﴾ والمراد منه : الاستفهام على سبيل الإنكار، وذلك لأنهم كانوا يسمون الأصنام بالآلهة، مع أن معنى الإلهية فيها معدوم، وسموا واحداً منها بالعزى مشتقاً من العز، والله ما أعطاه عزاً أصلاً، وسموا آخر منها باللات، وليس له من الإلهية شيء.
وقوله :﴿ما نزل الله بها من سلطان﴾ عبارة عن خلو مذاهبهم عن الحجة والبينة، ثم إنه عليه السلام ذكر لهم وعيداً مجددا فقال :﴿فانتظروا﴾ ما يحصل لكم من عبادة هذه الأصنام ﴿إني معكم من المنتظرين ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٢٩ ـ ١٣٠﴾