وقال تعالى :﴿كذبت ثمود بطغواها﴾ [ الشمس : ١١ ] وقال في غير الحيوان :﴿إنا لما طغا الماء﴾ [ الحاقة : ١١ ] أي غلب وتجاوز عن الحد، وأما الرجفة، فهي الزلزلة في الأرض، وهي حركة خارجة عن المعتاد، فلم يبعد إطلاق اسم الطاغية عليها، وأما الصيحة، فالغالب أن الزلزلة لا تنفك عن الصيحة العظيمة الهائلة وأما الصاعقة، فالغالب أنها الزلزلة وكذلك الزجرة قال تعالى :﴿فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة﴾ [ النازعات : ١٣، ١٤ ] فبطل ما قاله الطاعن.
السؤال الثالث : أن القوم قد شاهدوا خروج الناقة عن الصخرة وذلك معجزة قاهرة تقرب حال المكلفين عند مشاهدة هذه المعجزة من الإلجاء، وأيضاً شاهدوا أن الماء الذي كان شرباً لكل أولئك الأقوام في أحد اليومين، كان شرباً لتلك الناقة الواحدة في اليوم الثاني، وذلك أيضاً معجزة قاهرة، ثم إن القوم لما نحروها، وكان صالح عليه السلام قد توعدهم بالعذاب الشديد إن نحروها، فلما شاهدوا بعد إقدامهم على نحرها آثار العذاب، وهو ما يروى أنهم احمروا في اليوم الأول، ثم اصفروا في اليوم الثاني، ثم اسودوا في اليوم الثالث، فمع مشاهدة تلك المعجزات القاهرة في أول الأمر، ثم شاهدوا نزول العذاب الشديد في آخر الأمر، هل يحتمل أن يبقى العاقل مع هذه الأحوال مصراً على كفره غير تائب منه ؟
والجواب الأول أن يقال : إنهم قبل أن شاهدوا تلك العلامات كانوا يكذبون صالحاً في نزول العذاب، فلما شاهدوا العلامات خرجوا عند ذلك عن حد التكليف، وخرجوا عن أن تكون توبتهم مقبولة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٣٥ ـ ١٣٦﴾