فقال رجل من أصحاب صالح يقال له مبدع بن هرم : يا نبي الله إنّهم ليعذبونا لندلهم عليك أفندلهم؟ قال : نعم، فدلّهم عليه ميدع فأتوا أبا هدب وكلّموه في ذلك، فقال : نعم عندي صالح وليس لكم إليه سبيل فأعرضوا عنه وتركوه وشغلهم عنه ما أنزل الله عزّ وجلّ فيهم من عذابه فجعل بعضهم يخبّر بعضاً بما يرون في وجوههم فلما أصبحوا صاحوا بأجمعهم : ألا قد مضى يوم من الأجل، فلمّا أصبحوا اليوم الثاني إذا وجوههم محمرّة كأنّما خُضّبت بالدماء فصاحوا وضجّوا وبكوا وعرفوا آية العذاب، فلمّا أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يومان من الأجل وحضركم العذاب. فلما كان اليوم الثالث إذا وجوههم مسودّة كأنّما طُليت بالنار فصاحوا جميعاً ألا قد حضركم العذاب.
فلمّا كان ليلة الأحد خرج صالح ( عليه السلام ) من بين أظهرهم ومَنْ أسلم معه إلى الشام فنزلوا رملة فلسطين فلمّا أصبح القوم تكفّنوا وتحنّطوا وكان حنوطهم الصبر والمقر وكانت أكفانهم [ الإنطاع ] ثمّ ألقوا أنفسهم بالأرض فجعلوا يقلّبون به أبصارهم فينظرون إلى السماء مرّة وإلى الأرض مّرة لا يدرون من أين يأتيهم العذاب.
فلمّا اشتد الضحى يوم الأحد أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كلّ صاعقة وصوت كل [ شيء ] له صوت في الأرض فتقطّعت قلوبهم في صدورهم فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلاّ هلك كما قال الله تعالى :﴿ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ إلاّ جارية منهم مقعدة يقال لها : ذريعة بنت سلق وكانت كافرة شديدة العداوة لصالح ( عليه السلام ) فأطلق الله عزّ وجلّ لها رجلها بعدما عاينت العذاب أجمع، فخرجت كأسرع ما يُرى شيء قط حتّى أتت قزح وهي وادي القرى فأخبرتهم بما [ عاينت ] من العذاب وما أصاب ثمود ثمّ أستسقت من الماء فسُقيت فلمّا شربت ماتت.