وقال أبو حيان :
﴿ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوّأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ﴾ ذكر صالح قومه بما ذكر به هود قومه فذكر أولاً نعماً خاصة وهي جعلهم خلفاء بعد الأمة التي سبقتهم وذكر هود لقومه ما اختصوا به من زيادة البسطة في الخلق وذكر صالح لقومه ما اختصوا به من اتخاذ القصور من السهول ونحت الجبال بيوتاً ثم ذكرا نعماً عامة بقولهما ﴿ فاذكروا آلاء الله ﴾ ومعنى ﴿ وبوّأكم في الأرض ﴾ أنزلكم بها وأسكنكم إياها والمباءة المنزل في الأرض وهو من باء أي رجع وتقدم ذكره و﴿ الأرض ﴾ فلا موضع ما بين الحجاز والشام و﴿ تتخذون ﴾ حال أو تفسير لقوله ﴿ وبوّأكم في الأرض ﴾ فلا موضع له من الإعراب والظاهر أن بعض السهول اتخذوه قصوراً أي بنوا فيه قصوراً وأنشؤوها فيه ولم يستوعبوا جميع سهولها بالقصور وقال الزمخشري :﴿ من سهولها قصوراً ﴾ أي يبنونها من سهولة الأرض بما يعملون منها الرهض واللبن والآجر يعني أن القصور التي بنوها أجزاؤها متخذة من لين الأرض كالجيار والآجر والجصّ كقوله ﴿ واتخذ قوم موسى من بعده من حليّهم عجلاً ﴾ يعني أنّ الصورة كانت مادّتها من الحلي كما أن القصور مادتها من سهول الأرض والأجزاء التي صنعت منها وظاهر الاتخاذ هنا العمل فيتعدّى ﴿ تتخذون ﴾ إلى مفعول واحد، وقيل : يتعدى إلى اثنين والمجرور هو الثاني، وقرأ الحسن ﴿ وتنحَتون ﴾ بفتح الحاء، وزاد الزمخشري : أنه قرأ وتنحاتون بإشباع الفتحة قال كقوله :
ينباع من دفري أسيل حرّه...
انتهى.


الصفحة التالية
Icon