وقال أبو السعود :
﴿ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد ﴾
أي خلفاءَ في الأرض أو خلَفاً لهم كما مر ﴿ وبوأكم في الأرض ﴾ أي جعل لكم مَباءةً ومنزلاً في أرض الحِجْر بين الحجازِ والشام ﴿ تتخذون من سهولها قصوراً ﴾ استئنافٌ مبينٌ لكيفية التبوِئةِ أي تبنون في سهولها قصوراً رفيعةً أو تبنون من سهولة الأرض بما تعملون منها من الرِهْص واللِبن والآجُرّ ﴿ وتنحِتون الجبال ﴾ أي الصخورَ وقرىء تنحَتون بفتح الحاء وتنحاتون بإشباع الفتحة كما في قوله :
ينباعُ من ذِفْرَى أسيلٍ حرّةٍ... والنحتُ نجْرُ الشيءِ الصُّلب، فانتصابُ الجبالِ على المفعولية وانتصابُ قوله تعالى :﴿ بيوتاً ﴾ على أنها حالٌ مقدرةٌ منها كما تقول : خِطْتُ هذا الثوبَ قميصاً، وقيل : انتصابُ الجبالِ على إسقاط الجار أي من الجبال وانتصابُ بيوتاً على المفعولية، وقد جوّز أن يُضمَّن النحتُ معنى الاتخاذِ فانتصابُهما على المفعولية، وقيل : كانوا يسكُنون السهولَ في الصيف والجبالَ في الشتاء ﴿ فاذكروا آلاء الله ﴾ التي أنعم بها عليكم مما ذكر أو جميعَ آلائِه التي هذه من جملتها ﴿ ولا تعثوا في الأرض مفسدين ﴾ فإن حقَّ آلائِه تعالى أن تُشكَرَ ولا تُهملَ ولا يُغْفلَ عنها فكيف بالكفر والعِثيِّ في الأرض بالفساد. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية