وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَعَقَرُواْ الناقة ﴾ العَقْر الجرح.
وقيل : قطع عضو يؤثّر في النفس.
وعقرت الفرس : إذا ضربت قوائمه بالسيف.
وخيل عَقْرَى.
وعقرت ظهر الدابة : إذا أدْبَرْته.
قال امرؤ القيس :
تقولُ وقدْ مالَ الغَبِيطُ بنا معاً...
عَقَرْتَ بعِيري يا امرأ القيس فانزل
أي جَرَحتَه وأدْبَرتَه.
قال القشيريّ : العقر كشف عُرقوب البعير ؛ ثم قيل للنحر عَقر ؛ لأن العقر سبب النحر في الغالب.
وقد اختلف في عاقر الناقة على أقوال.
أصحّها ما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن زَمْعَة قال :" خطب رسول الله ﷺ فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال :"إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجل عزيز عَارِم مَنِيع في رَهْطِه مثل أبي زَمْعَة" " وذكر الحديث.
وقيل في اسمه : قُدار بن سالف.
وقيل : إن ملكهم كان إلى امرأة يقال لها ملكى، فحسدت صالحاً لمّا مال إليه الناس، وقالت لامرأتين كان لهما خليلان يعشقانِهما : لا تطيعاهما واسألاهما عقر الناقة ؛ ففعلتا.
وخرج الرجلان وألجآ الناقة إلى مَضِيق ورماها أحدهما بسهم وقتلاها.
وجاء السَّقْبُ وهو ولدها إلى الصخرة التي خرجت الناقة منها فَرَغَا ثلاثاً وانفجرت الصخرة فدخل فيها.
ويقال : إنه الدّابة التي تخرج في آخر الزمان على الناس ؛ على ما يأتي بيانه في "النمل".
وقال ابن إسحاق : أتْبع السّقْبَ أربعةُ نفر ممن كان عقر الناقة، مِصْدَع وأخوه ذُؤَاب.
فرماه مصدع بسهم فانتظم قلبه، ثم جرّه برجله فألحقه بأمّه، وأكلوه معها.
والأوّل أصح ؛ فإن صالحاً قال لهم : إنه بَقِي من عمركم ثلاثة أيام، ولهذا رَغَا ثلاثاً.
وقيل : عقرها عاقرها ومعه ثمانية رجال، وهم الذين قال الله فيهم :﴿ وَكَانَ فِي المدينة تِسْعَةُ رَهْطٍ ﴾ [ النمل : ٤٨ ] على ما يأتي بيانه في "النمل".
وهو معنى قولِه ﴿ فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فتعاطى فَعَقَرَ ﴾ [ القمر : ٢٩ ].


الصفحة التالية
Icon