﴿جاثمين﴾ أي باركين على ركبهم لازمين أماكنهم لا حراك بأحد منهم، ولم يبق منهم في تلك الساعة أحد إلا رجل واحد كان في الحرم، فلما خرج منه أصابه ما أصاب قومه وهو أبو رغال، ومسافة الحرم عن أرضهم تزيد على مسيرة عشرة أيام، ومن الآيات العظيمة أن ذلك الذي خلع قلوبهم وأزال أرواحهم لم يؤثر في صالح عليه السلام والمستضعفين معه شيئاً، وذلك مثل الريح التي زلزلت الأحزاب، وأنالتهم أشد العذاب، ورمتهم بالحجارة والتراب حتى هزمتهم وما نال النبي ﷺ وأصحابه منها كبير أذى، وكفها الله عن حذيفة، وكذا البرد الذي كان ذلك زمانه لما أرسله النبي ﷺ ليتعرف له أخبارهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٦٠﴾

فصل


قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿فأخذتهم الرجفة﴾ قال الفراء والزجاج : هي الزلزلة الشديدة.
قال تعالى :﴿يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيباً مهيلاً﴾ [ المزمل : ١٤ ] قال الليث : يقال رجف الشيء يرجف رجفاً ورجفانا، كرجفان البعير تحت الرحل، وكما يرجف الشجر إذا أرجفته الريح.
ثم قال :﴿فأصبحوا في دارهم جاثمين﴾ يعني في بلدهم ولذلك وحد الدار، كما يقال : دار الحرب ومررت بدار البزازين، وجمع في آية أخرى فقال :﴿في ديارهم﴾ [ هود : ٩٤ ] لأنه أراد بالدار ما لكل واحد منهم من منزله الخاص به.


الصفحة التالية
Icon