واعترض بأن الإرسال قبل وقت القول لا فيه كما تقتضيه هذه الظرفية، ودفع بأنه يعتبر الظرف ممتداً كما يقال زيد في أرض الروم فهو ظرف غير حقيقي يعتبر وقوع المظروف في بعض أجزائه كما قرره القطب، وجوز أن يكون ﴿ لُوطاً ﴾ منصوباً بأذكر محذوقاً فيكون من عطف القصة على القصة، و﴿ إِذْ ﴾ بدل من لوط بدل اشتمال بناء على أنها لا تلزم الظرفية، وقال أبو البقاء : إنه ظرف الرسالة محذوفاً أي واذكر رسالة لوط إذ قال :﴿ أَتَأْتُونَ الفاحشة ﴾ استفهام على سبيل التوبيخ والتقريع أي أتفعلون تلك الفعلة التي بلغت أقصى القبح وغايته.
﴿ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّن العالمين ﴾ أي ما عملها أحد قبلكم في زمن من الأزمان فالباء للتعدية كما في "الكشاف" من قولك : سبقته بالكرة إذا ضربتها قبله، ومنه ما صح من قوله ﷺ :" سبقك بها عكاشة "
وتعقبه أبو حيان بأن معنى التعدية هنا قلق جداً لأن الباء المعدية في الفعل المعدى إلى واحد تجعل المفعول الأول يفعل ذلك الفعل بما دخلت عليه الباء فهي كالهمزة فإذا قلت : صككت الحجر بالحجر كان معناه أصككت الحجر الحجر أي جعلت الحجر يصك الحجر وكذلك دفعت زيداً بعمرو عن خالد معناه أدفعت زيداً عمراً عن خالد أي جعلت زيداً يدفع عمراً عن خالد فللمفعول الأول تأثير في الثاني ولا يصح هذا المعنى فيما ذكر إلا بتكلف فالظاهر أن الباء للمصاحبة أي ما سبقكم أحد مصاحباً وملتبساً بها، ودفع بأن المعنى على التعدية، ومعنى سبقته بالكرة أسبقت كرتي كرته لأن السبق بينهما لا بين الشخصين أو الضربين وكذا في الآية ومثله يفهم من غير تكلف، وقال القطب الرازي : إن المعنى سبقت ضربه الكرة بضربي الكرة أي جعلت ضربي الكرة سابقاً على ضربة الكرة.
ثم استظهر جعل الباء للظرفية لعدم احتياجه إلى ما يحتاجه جعلها للتعدية أي ما سبقكم في فعل الفاحشة أحد ولعل الأمر كما قال.


الصفحة التالية
Icon