وقرأ ابن كثير ﴿أئنكم﴾ بهمزة غير ممدودة وبين الثانية، وقرأ أبو عمرو بهمزة ممدودة بالتخفيف، وبين الثانية.
والباقون بهمزتين على الأصل.
قال الواحدي : من استفهم كان هذا استفهاماً معناه الإنكار لقوله :﴿أتأتون الفاحشة﴾ [ الأعراف : ٨٠ ] وكل واحد من الاستفهامين جملة مستقلة لا تحتاج في تمامها إلى شيء.
المسألة الثانية :
قوله :﴿شهوة﴾ مصدر.
قال أبو زيد شهي يشهي شهوة وانتصابها على المصدر، لأن قوله :﴿أتأتون الرجال﴾ معناه أتشتهون شهوة ؟ وإن شئت قلت إنها مصدر وقع موقع الحال.
المسألة الثالثة :
في بيان الوجوه الموجبة لقبح هذا العمل.
اعلم أن قبح هذا العمل كالأمر المقرر في الطباع، فلا حاجة فيه إلى تعديد الوجوه على التفصيل ثم نقول موجبات القبح فيه كثيرة : أولها : أن أكثر الناس يحترزون عن حصول الولد، لأن حصوله يحمل الإنسان على طلب المال وإتعاب النفس في الكسب، إلا أنه تعالى جعل الوقاع سبباً لحصول اللذة العظيمة، حتى أن الإنسان بطلب تلك اللذة يقدم على الوقاع، وحينئذ يحصل الولد شاء أم أبى، وبهذا الطريق يبقى النسل ولا ينقطع النوع، فوضع اللذة في الوقاع، كشبه الإنسان الذي وضع الفخ لبعض الحيوانات، فإنه لا بد وأن يضع في ذلك الفخ شيئاً يشتهيه ذلك الحيوان حتى يصير سبباً لوقوعه في ذلك الفخ، فوضع اللذة في الوقاع يشبه وضع الشيء الذي يشتهيه الحيوان في الفخ، والمقصود منه إبقاء النوع الإنساني الذي هو أشرف الأنواع.
إذا ثبت هذا فنقول : لو تمكن الإنسان من تحصيل تلك اللذة بطريق لا تفضي إلى الولد، لم تحصل الحكمة المطلوبة، ولأدى ذلك إلى انقطاع النسل، وذلك على خلاف حكم الله، فوجب الحكم بتحريمه قطعاً، حتى تحصل تلك اللذة بالطريق المفضي إلى الولد.


الصفحة التالية
Icon