وقال ابن عاشور :
﴿ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾
عطفت جملة :﴿ وما كان جواب قومه ﴾ على جملة :﴿ قال لقومه ﴾ [ الأعراف : ٨٠ ].
والتّقدير : وإذ ما كان جواب قومه إلاّ أن قالوا إلخ، والمعنى : أنّهم أفحموا عن ترويج شنعتهم والمجادلة في شأنها، وابتدروا بالتّآمر على إخراج لوط عليه السّلام وأهله من القرية، لأنّ لوطاً عليه السّلام كان غريباً بينهم وقد أرادوا الاستراحة من إنكاره عليهم شأن من يشعرون بفساد حالهم، الممنوعين بشهواتهم عن الإقلاع عن سيّئاتهم، المصمّمين على مداومة ذنوبهم، فإنّ صدورهم تضيق عن تحمّل الموعظة، وأسماعهم تصمّ لقبولها، ولم يزل من شأن المنغمسين في الهوى تجهّم حلول من لا يشاركهم بينهم.
والجواب : الكلام الذي يقابل به كلام آخر : تقريراً، أو ردّاً، أو جزاء.
وانتصب قوله :﴿ جواب ﴾ على أنّه خبر ( كان ) مقدّم على اسمها الواقععِ بعد أداة الاستثناء المفرغ، وهذا هو الاستعمالُ الفصيحُ في مثل هذا التّركيب، إذا كان أحد معمولي كان مصدراً منسبكاً من ( أنْ ) والفعللِ كما تقدّم في سورة آل عمران وسورة الأنعام، ولذلك أجمعت القرءات المشهورة على نصب المعمول الأوّل.
والضّمير المنصوب في قوله :﴿ أخرجوهم ﴾ عائد على محذوف عُلم من السّياق، وهم لوط عليه السّلام وأهلُه : وهم زوجُه وابنتاه.
وجملة :﴿ إنهم أناس يتطهرون ﴾ علّة للأمر بالإخراج، وذلك شأن ( إنّ ) إذا جاءت في مقام لا شكّ فيه ولا إنكار، بل كانت لمجرّد الاهتمام فإنَّها تفيد مُفاد فاء التّفريع وتدلّ على الربط والتّعليل.


الصفحة التالية
Icon