وقال الماوردى :
﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ ﴾
فيه وجهان :
أحدها : فخلصناه.
والثاني : على نجوة من الأرض، وقيل : إن أهله ابنتاه واسمهما زينا ورميا. ﴿ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : من الباقين في الهلكى، والغابر الباقي، ومنه قول الراجز :
فَمَا وَنَى مُحَمَّدٌ مُذْ أَنْ غَفَر... لَهُ الإِلَهُ مَا مََضَى وَمَا غَبَر
والثاني : من الغابرين في النجاة، من قولهم : قد غبر عنا فلان زماناً إذا غاب، قال الشاعر :
أَفَبَعْدَنَا أو بَعْدَهُمْ... يُرْجَى لِغَابِرِنَا الْفَلاَحُ
والثالث : من الغابرين في الغم، لأنها لقيت هلاك قومها، قاله أبو عبيدة. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
واستثنى الله امرأة " لوط " عليه السلام من الناجين وأخبر أنها هلكت، والغابر الباقي هذا المشهور في اللغة، ومنه غير الحيض كما قال أبو كبير الهذلي :[ الكامل ]
ومبرأ من كل غبر حيضة... وفساد من ضعة وداء مغيل
وغبر اللبن في الضرع بقيته، فقال بعض المفسرين :﴿ كانت من الغابرين ﴾ في العذاب والعقاب أي مع الباقين ممن لم ينج، وقال أبو عبيدة معمر : ذكرها الله بأنها كانت ممن أسن وبقي من عصره إلى عصر غيره فكانت غابرة إلى أن هلكت مع قومها.
قال القاضي أبو محمد : فكأن قوله :﴿ إلا امرأته ﴾ اكتفى به في أنها لم تنج ثم ابتدأ وصفها بعد ذلك بصفة لا تتعلق بها النجاة ولا الهلكة، والأول أظهر، وقد يجيء الغابر بمعنى الماضي، وكذلك حكى أهل اللغة غبر بمعنى بقي وبمعنى مضى، وأما قوله الأعشى :[ السريع ]
عض بما أبقى المواسي له... من أمه في الزمن الغابر
فالظاهر أنه أراد الماضي وذلك بالنسبة إلأى وقت الهجاء، ويحتمل أن يريد في الزمن الباقي وذلك بالنسبة إلى الحين هو غابر بعد الإبقاء، ويحتمل أن يعلق في الزمن بعض فيكون الباقي على الإطلاق والأول أظهر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon