وقال أبو حيان :
﴿ وأمطرنا عليهم مطراً ﴾ ضمن ﴿ أمطرنا ﴾ معنى أرسلنا فلذلك عداه بعلى كقوله فأمطرنا عليهم حجارة من السماء والمطر هنا هي حجارة وقد ذكرت في غير آية خسف بهم وأمطرت عليهم الحجارة، وقيل : كانت المؤتفكة خمس مدائن، وقيل : ست، وقيل : أربع اقتلعها جبريل بجناحه فرفعها حتى سمع أهل السماء نهيق الحمير وصياح الديكة ثم عكسها فرد أعلاها أسفلها وأرسلها إلى الأرض، وتبعتهم الحجارة مع هذا فأهلكت من كان منهم في سفر أو خارجاً عن البقاع وقالت امرأة لوط حين سمعت الرجّة واقوماه والتفتت فأصابتها صخرة فقتلتها، والظاهر أن الأمطار شملهم كلهم، وقيل : خسف بأهل المدن وأمطرت الحجارة على المسافرين منهم، وسئل مجاهد هل سلم منهم أحد قال لا إلا رجلاً كان بمكة تاجراً وقف الحجر له أربعين يوماً حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فأصابه فمات وكان عددهم مائة ألف.
﴿ فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ﴾ خطاب للرسول أو للسامع قصتهم كيف كان مآل من أجرم وفيه إيقاظ وازدجار أن تسلك هذه الأمة هذا المسلك و﴿ المجرمين ﴾ عام في قوم نوح وهود وصالح ولوط وغيرهم وهو من نظر التفكر أو من نظر البصر فيمن بقيت له آثار منازل ومساكن كثمود وقوم لوط كما قال تعالى ﴿ وعاداً وثموداً وقد تبين لكم من مساكنهم ﴾. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا ﴾
قال أبو عبيدة : مُطر في الرحمة وأُمطِر في العذاب. وقال الراغب : مُطر في الخير وأُمطر في العذاب، والصحيح أن أَمطَرنا بمعنى أرسلنا عليهم إرسالَ المطر. قيل : كانت المؤتَفِكةُ خمسَ مدائن، وقيل : كانوا أربعةَ آلافٍ بين الشام والمدينة فأمطر الله عليهم الكِبريتَ والنارَ، وقيل : خَسَف بالمقيمين منهم وأُمطرت الحجارةُ على مسافريهم وشُذّاذهم، وقيل : أُمطر عليهم ثم خُسِف بهم. ورُوي أن تاجراً منهم كان في الحرَم فوقف الحجرُ له أربعين يوماً حتى قضى تجارتَه وخرج من الحرم فوقع عليه، وروي أن امرأتَه التفتت نحوَ ديارِها فأصابها حَجَرٌ فماتت ﴿ فانظر كَيْفَ كَانَتْ عاقبة المجرمين ﴾ خطابٌ لكل من يتأتى منه التأملُ والنظرُ تعجيباً من حالهم وتحذيراً من أعمالهم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon