وأنا أرى أن إنكار قبح اللواطة عقلاً مكابرة ولهذا كانت الجاهلية تعير بها ويقولون في الذم فلان مصفر استه ولا أدري هل يرضى ابن الوليد لنفسه أن يؤتى في الجنة أم لا؟ فإن رضي اليوم أن يؤتي غدا فغالب الظن أن الرجل مأبون أو قد ألف ذلك وإن لم يرض لزمه الإقرار بالقبح العقلي.
وإن ادعى أن عدم رضائه لأن الناس قد اعتادوا التعيير به وذلك مفقود في الجنة قلنا له : يلزمك الرضا به في الدنيا إذا لم تعير ولم يطلع عليك أحد فإن التزمه فهو كما ترى ؛ ولا ينفعه ادعاء الفرق بين الفاعل والمفعول كما لا يخفى على الأحرار.
وصرحوا بأن حرمة اللواطة أشد من حرمة الزنا لقبحها عقلاً وطبعاً وشرعاً والزنا ليس بحرام كذلك وتزول حرمته بتزويج وشراء بخلافها وعدم الحد عند الإمام لا لخفتها بل للتغليظ لأنه مطهر على قول كثير من العلماء وإن كان خلاف مذهبنا، وبعض الفسقة اليوم دمرهم الله تعالى يهونون أمرها ويتمنون بها ويفتخرون بالاكثار منها.
ومنهم من يفعلها أخذاً للثأر ولكن من أين، ومنهم من يحمد الله سبحانه عليها مبنية للمفعول وذلك لأنهم نالوا الصدارة بأعجازهم ؛ نسأل الله تعالى العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
واعلم أن للواطة أحكاماً أخر فقد قالوا : إنه لا يجب بها المهر ولا العدة في النكاح الفاسد ولا في المأتي بها لشبهة ولا يحصل بها التحليل للزوج الأول ولا تثبت بها الرجعة ولا حرمة المصاهرة عند الأكثر ولا الكفارة في رمضان في رواية ولو قذف بها لا يحد ولا يلاعن خلافاً لهما في المسألتين كما في "البحر" أخذاً من "المجتبى".
وفي "الشرنبلالية" عن "السراج" يكفي في الشهادة عليها عدلان لا أربعة خلافاً لهما أيضاً.