هذا ولم أقف للسادة الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم على ما هو من باب الإشارة في قصة قوم لوط عليه السلام، وذكر بعضهم في قصة قوم صالح عليه السلام بعد الإيمان بالظاهر أن الناقة هي مركب النفس الإنسانية لصالح عليه السلام ونسبتها إليه سبحانه لكونها مأمورة بأمره عز وجل مختصة به في طاعته وقربه.
وما قيل : إن الماء قسم بينها وبينهم لها شرب يوم ولهم شرب يوم إشارة إلى أن مشربهم من القوة العاقلة العملية ومشربه من القوة العاقلة النظرية.
وما روي أنها يوم شربها كانت تتفحج فيحلب منها اللبن حتى تملأ الأواني إشارة إلى أن نفسه تستخرج بالفكر من علومه الكلية الفطرية العلوم النافعة للناقصين من علوم الأخلاق والشرائع.
وخروجها من الجبل خروجها من بدن صالح عليه السلام.
وقال آخرون : إن الناقة كانت معجزة صالح عليه السلام وذلك أنهم سألوه أن يخرج لهم من حجارة القلب ناقة السر فخرجت فسقيت سر السر فأعطت بلد القالب من القوى والحواس لبن الواردات الإلهية ثم قال لهم : ذروها ترتع في رياض القدس وحياض الأنس ﴿ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوء ﴾ من مخالفات الشريعة ومعارضات الطريقة ﴿ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [ الأعراف : ٧٣ ] وهو عذاب الانقطاع عن الوصول إلى الحقيقة ﴿ واذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء ﴾ أي مستعدين للخلافة ﴿ وَبَوَّأَكُمْ فِى الأرض ﴾ أي أرض القلب ﴿ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا ﴾ وهي المعاملات بالصدق ﴿ قُصُوراً ﴾ تسكنون فيها ﴿ وَتَنْحِتُونَ الجبال ﴾ وهي جبال أطوار القلب
﴿ بُيُوتًا ﴾ [ الأعراف : ٧٤ ] هي مقامات السائرين إلى الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon