ولما كانت أفعالهم نقص الناس إما في الأموال بالبخس وإما في الإيمان والنصرة بالصد، ذكرهم أن الله تعالى فعل معهم ضد ذلك من التكثير بعد القلة في سياق منذر باجتثاثهم عن وجه الأرض وخصهم فضلاً عن تقليلهم ونقصهم، فقال عطفاً على قوله ﴿اعبدوا الله﴾ وما بعده من الأوامر والنواهي :﴿واذكروا إذ﴾ أي حين ﴿كنتم قليلاً﴾ أي في العدد والمدد ﴿فكثركم﴾ أي كثر عددكم وأموالكم وكل شيء ينسب إليكم، فلا تقابلوا النعمة بضدها، فإن ذكر النعمة مرغب في الشكر.
ولما رغبهم بالتذكير بالنعمة، حذرهم بالتذكير بأهل النقمة فقال :﴿وانظروا كيف كان عاقبة﴾ أي آخر أمر ﴿المفسدين﴾ أي في عموم الإهلاك بأنواع العذاب لتحذروا من أن يصيبكم مثل ما أصابهم كما صرح به في سورة هود لكون الحال هناك مقتضياً للبسط كما سيأتي إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٦٦ ـ ٦٧﴾

فصل


قال الفخر :
﴿ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾
اعلم أن شعيباً عليه السلام ضم إلى ما تقدم ذكره من التكاليف الخمسة أشياء.
الأول : أنه منعهم من أن يقعدوا على طرق الدين ومناهج الحق، لأجل أن يمنعوا الناس عن قبوله وفي قوله :﴿وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صراط﴾ قولان : الأول : يحمل الصراط على الطريق الذي يسلكه الناس.
روي أنهم كانوا يجلسون على الطرقات ويخوفون من آمن بشعيب عليه السلام.


الصفحة التالية
Icon