والثاني : أن يحمل الصراط على مناهج الدين، قال صاحب "الكشاف" :﴿وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صراط﴾ أي ولا تقتدوا بالشيطان في قوله :﴿لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم﴾ [ الأعراف : ١٦ ] قال والمراد بالصراط كل ما كان من مناهج الدين، والدليل على أن المراد بالصراط ذلك قوله :﴿وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله﴾ وقوله :﴿بِكُلِّ صراط﴾ يقال قعد له بمكان كذا وعلى مكان كذا، وفي مكان كذا، وهذه الحروف تتعاقب في هذه المواضع لتقارب معانيها، فإنك إذا قلت قعد بمكان كذا، فالباء للإلصاق، وهو قد التصق بذلك المكان.
وأما قوله :﴿تُوعِدُونَ﴾ فمحله ومحل ما عطف عليه النصب على الحال، والتقدير : ولا تقعدوا موعدين ولا صادين عن سبيل الله ولا أن تبغوا عوجاً في سبيل الله، والحاصل : أنه نهاهم عن القعود على صراط الله حال الاشتغال بأحد هذه الأمور الثلاثة.
واعلم أنه تعالى لما عطف بعض هذه الثلاثة على البعض.
وجب حصول المغايرة بينها فقوله :﴿تُوعِدُونَ﴾ يحصل بذلك إنزال المضار بهم وأما الصد، فقد يكون بالإيعاد بالمضار، وقد يكون بالوعد بالمنافع بما لو تركه، وقد يكون بأن لا يمكنه من الذهاب إلى الرسول ليسمع كلامه.
أما قوله :﴿وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ فالمراد إلقاء الشكوك والشبهات والمراد من الآية أن شعيباً منع القوم من أن يمنعوا الناس من قبول الدين الحق بأحد هذه الطرق الثلاثة.
وإذا تأملت علمت أن أحداً لا يمكنه منع غيره من قبول مذهب أو مقالة إلا بأحد هذه الطرق الثلاثة.