ثم قال :﴿واذكروا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ﴾ والمقصود منه أنهم إذا تذكروا كثرة إنعام الله عليهم فالظاهر أن ذلك يحملهم على الطاعة والبعد عن المعصية، قال الزجاج : وهذا الكلام يحتمل ثلاثة أوجه، كثر عددكم بعد القلة، وكثركم بالغنى بعد الفقر، وكثركم بالقدرة بعد الضعف، ووجه ذلك أنهم إذا كانوا فقراء أو ضعفاء فهم بمنزلة القليل، في أنه لا يحصل من وجودهم قوة وشوكة.
فأما تكثير عددهم بعد القلة ؛ فهو أن مدين بن إبراهيم تزوج رئيا بنت لوط، فولدت حتى كثر عددهم.
ثم قال بعده :﴿وانظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين﴾ والمعنى تذكروا عاقبة المفسدين وما لحقهم من الخزي والنكال، ليصير ذلك زاجراً لكم عن العصيان والفساد، فقوله :﴿واذكروا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ﴾ المقصود منه أنهم إذا تذكروا نعم الله عليهم انقادوا وأطاعوا، وقوله :﴿وانظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين﴾ المقصود منه أنهم إذا عرفوا أن عاقبة المفسدين المتمردين ليست إلا الخزي والنكال، احترزوا عن الفساد والعصيان وأطاعوا، فكان المقصود من هذين الكلامين حملهم على الطاعة بطريق الترغيب أولاً والترهيب ثانياً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٤٢ ـ ١٤٣﴾