وقد قرن رسول الله ﷺ الأموال والأعراض بالدماء في قوله في حجة الوداع :" ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حراماً " وما أكثر ما تساهل الناس في أخذ الأموال وفي الغيبة، وقال رسول الله ﷺ :" من قتل دون ماله فهو شهيد " والعجب إطباق من يتظاهر بالصلاح والدين والعلم على عدم إنكار هذه المكوس والضمانات وادعاء بعضهم أنه له تصرف في الوجود ودلال على الله تعالى بحيث إنه يدعو فيستجاب له فيما أراد ويضمن لمن كان من أصحابه وأتباعه الجنة وهو مع ذلك يتردّد لأصحاب المكوس ويتذلل إليهم في نزع شيء حقير وأخذه من المكس الذي حصّلوه وهذه وقاحة لا تصدر ممن شمّ رائحة الإيمان ولا تعلق بشيء من الإسلام، وقال بعض الشعراء :
تساوى الكلّ منا في المساوي...
فأفضلنا فتيلاً ما يساوي
وعلى الأقوال السابقة يكون القعود بكل صراط حقيقة وحمل القعود والصراط الزمخشري على المجاز، فقال ولا تقتدوا بالشيطان في قوله ﴿ لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ﴾ فتقعدوا بكل صراط أي بكل منهاج من مناهج الدّين والدليل على أن المراد بالصراط سبيل الحق قوله ﴿ وتصدون عن سبيل الله ﴾، فإن قلت : صراط الحقّ واحد ﴿ وإنّ هذا صراطي مستقيماً فأتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ﴾ فكيف قيل بكل صراط، ( قلت ) : صراط الحقّ واحد ولكنه يتشعّب إلى معارف وحدود وأحكام كثيرة مختلفة فكانوا إذا رأوا واحداً يشرع في شيء منه منعوه وصدّوه انتهى.