وقال أبو السعود :
﴿ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صراط تُوعِدُونَ ﴾
أي بكل طريقٍ من طرق الدِّين كالشيطان. وصراطُ الحقِّ وإن كان واحداً لكنه يتشعب إلى معارفَ وحدودٍ وأحكامٍ وكانوا إذا رأَوْا أحداً يشرَع في شيء منها منعوه. وقيل : كانوا يجلِسون على المراصد فيقولون لمن يريد شعيباً إنه كذابٌ لا يفتنَنَّك عن دينك ويتوعّدون لمن آمن به وقيل : يقطعون الطريق ﴿ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ أي السبيلِ الذي قعَدوا عليه فوقع المُظهرُ موقعَ المضمرِ بياناً لكل صراطٍ ودلالةً على عِظم ما يصدون عنه وتقبيحاً لما كانوا عليه، أو الإيمانِ بالله أو بكل صراط على أنه عبارة عن طرق الدين وقوله تعالى :﴿ مَنْ ءامَنَ بِهِ ﴾ مفعول تصدون على إعمال الأقربِ، ولو كان مفعولَ توعِدون لقيل : وتصُدونهم، وتوعِدون حالٌ من الضمير في تقعدوا ﴿ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ أي وتطلبون لسبيل الله عوجاً بإلقاء الشُبَهِ أو بوصفها للناس بأنها مُعْوجةٌ وهي أبعدُ شيءٍ من شائبة الاعوجاج.
﴿ واذكروا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ﴾ بالبركة في النسل والماء ﴿ وانظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين ﴾ من الأمم الماضيةِ كقوم نوحٍ ومَنْ بعدهم من عاد وثمودَ وأضرابِهم واعتبِروا بهم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon