وقال الآلوسى :
﴿ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صراط ﴾
أي طريق من الطرق الحسية ﴿ تُوعَدُونَ ﴾ أي تخوفون من آمن بالقتل كما نقل عن الحسن وقتادة ومجاهد وروي عن ابن عباس أن بلادهم كانت يسيرة وكان الناس يمتارون منهم فكانوا يقعدون على الطريق ويخوفون الناس أن يأتوا شعيباً ويقولون لهم : إنه كذاب فلا يفتنكم عن دينكم.
ويجوز أن يكون القعود على الصراط خارجاً مخرج التمثيل كما فيما حكي عن قول الشيطان :﴿ لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم ﴾ [ الأعراف : ١٦ ] أي ولا تقعدوا بكل طريق من طرق الدين كالشيطان، وإليه يشير ما روي عن مجاهد أيضاً.
والكلية مع أن دين الله الحق واحد باعتبار تشعبه إلى معارف وحدود وأحكام وكانوا إذا رأوا أحداً يشرع في شيء منها منعوه بكل ما يمكن من الحيل.
وقيل : كانوا يقطعون الطريق فنهوا عن ذلك.
وروي ذلك عن أبي هريرة وعبد الرحمن بن زيد، ولعل المراد به ما يرجع إلى أحد القولين الأولين وإلا ففيه خفاء وإن قيل : إن في الآية عليه مبالغة في الوعيد وتغليظ ما كانوا يرومونه من قطع السبيل.
﴿ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ أي الطريق الموصلة إليه وهي الإيمان أو السبيل الذي قعدوا عليه فوضع المظهر موضع المضمر بياناً لكل صراط ( و) دلالة على عظم ما ( يصدون عنه ) وتقبيحاً لما كانوا عليه، وقوله سبحانه :﴿ مَنْ ءامَنَ بِهِ ﴾ مفعول ﴿ تَصُدُّونَ ﴾ على إعمال الأقرب لا ﴿ تُوعَدُونَ ﴾ خلافاً لما يوهمه كلام الزمخشري إذ يجب عند الجمهور في مثل ذلك حينئذٍ إظهار ضمير الثاني.
ولا يجوز حذفه إلا في ضرورة الشعر فيلزم أن يقال : تصدونهم وإذا جعل ﴿ تَصُدُّونَ ﴾ بمعنى تعرضون يصير لازماً ولا يكون مما نحن فيه.