وضمير ﴿ بِهِ ﴾ لله تعالى أو لكل صراط أو سبيل الله تعالى لأن السبيل يذكر ويؤنث كما قيل، وجملة ﴿ تُوعَدُونَ ﴾ وما عطف عليه في موضع الحال من ضمير ﴿ تَقْعُدُواْ ﴾ أي موعدين وصادين : وقيل : هي على التفسير الأول استئناف بياني، والأظهر ما ذكرنا.
﴿ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ أي وتطلبون لسبيل الله تعالى عوجاً بإلقاء الشبه أو بوصفها للناس بما ينقصها وهي أبعد من شائبة الإعوجاج : وهذا إخبار فيه معنى التوبيخ وقد يكون تهكماً بهم حيث طلبوا ما هو محال إذ طريق الحق لا يعوج.
وفي الكلام ترق كأنه قيل : ما كفاكم أنكم توعدون الناس على متابعة الحق وتصدونهم عن سبيل الله تعالى حتى تصفونه بالاعوجاج ليكون الصد بالبرهان والدليل.
وعلى ما روي عن أبي هريرة وابن زيد جاء أن يراد بتبغونها عوجاً عيشهم في الأرض واعوجاج الطريق عبارة عن فوات أمنها.
وذكر الطيبي أن معنى هذا الطلب حينئذٍ معنى اللام في قوله سبحانه :
﴿ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ﴾ [ القصص : ٨ ] وعلى سائر الأوجه في الكلام الحذف والإيصال.
﴿ واذكروا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً ﴾ عددكم ﴿ فَكَثَّرَكُمْ ﴾ فوفر عددكم بالبركة في النسل كما روي عن ابن عباس.
وحكي أن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت فرمى الله تعالى في نسلها البركة والنماء فكثروا وفشوا.
وجوز الزجاج أن يكون المعنى إذ كنتم مقلين فقراء فجعلكم مكثرين موسرين، أو كنتم أقلة أذلة فأعزكم بكثرة العدد والعدد.
و﴿ إِذْ ﴾ مفعول ﴿ اذكروا ﴾ أو ظرف لمقدر كالحادث أو النعم أي أذكروا ذلك الوقت أو ما فيه ﴿ وانظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين ﴾ أي آخر أمر من أفسد قبلكم من الأمم كقوم نوح وعاد وثمود واعتبروا بهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon