وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ الذين كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ﴾ قال الجرجانِيّ : قيل هذا كلام مستأنف ؛ أي الذين كذبوا شعيبا صاروا كأنهم لم يزالوا موتى.
و"يَغْنَوْا" يقيموا ؛ يقال : غَنِيت بالمكان إذا أقمت به.
وغنِي القوم في دارهم أي طال مُقامهم فيها.
والمَغْنَى : المنزل ؛ والجمع المَغَاني.
قال لَبِيد :
وغَنِيت سِتاً قبلَ مَجْرَى دَاحِسٍ...
لو كان للنفس اللَّجُوجِ خُلود
وقال حاتم طيّ :
غنِينا زمانا بالتَّصَعْلُكِ والغِنَى...
كما الدّهرُ في أيامه العسرُ واليسرُ
كسبنا صُروفَ الدَّهْر لِيناً وغِلظة...
وكلاًّ سقاناه بكأْسِهما الدهرُ
فما زادنا بَغْياً على ذِي قرابة...
غِنَانَا ولا أَزْرَى بأحسابنا الفَقْرُ
﴿ الذين كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الخاسرين ﴾ ابتداء خطاب، وهو مبالغة في الذم والتوبيخ وإعادة لتعظيم الأمر وتفخيمه.
ولما قالوا : من اتبع شعيباً خاسِر قال الله الخاسرون هم الذين قالوا هذا القول. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ الذين كذبوا شعيباً كأن لم يغنوا فيها ﴾
يعني كأن لم يقيموا فيها ولم ينزلوها يوماً من الدهر يقال : غنيت بالمكان أي أقمت به.
والمغاني : المنازل التي بها أهلها واحدها مغنى قال الشاعر :
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة...
في ظل ملك ثابت الأوتاد
أراد أقاموا فيها وقيل في معنى الآية كأن لم يعيشوا فيها متنعمين مستغنين يقال : غني الرجل إذا انغنى وهو من الغنى الذي هو ضد الفقر ﴿ الذين كذبوا شعيباً كانوا هم الخاسرين ﴾ يعني خسروا أنفسهم بهلاكهم. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾