عَلَيْهِ فَارْتَدَّتْ ذُرِّيَّتُهُمْ عَنْهُ فِي زَمَنِهِمْ أَوْ مِنْ بَعْدِهِمْ، كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ مُسْلِمِي الْأَنْدَلُسِ بَعْدَ ثَلِّ الْأَسْبَانِيِّينَ لِعِرْضِ دَوْلَتِهِمُ الْعَرَبِيَّةِ، وَإِكْرَاهِهِمْ عَلَى التَّنَصُّرِ أَوِ الْخُرُوجِ مِنَ الْبِلَادِ، فَخَرَجَ بَعْضٌ وَبَقِيَ آخَرُونَ تَحْتَ وَعِيدِ قَوْلِهِ تَعَالَى : إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٤ : ٩٧ - ٩٩).
وَقَدْ قَدَّرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْفِعْلَ الْمَحْذُوفَ مِنَ الْجُمْلَةِ، وَمُتَعَلِّقَ الْكَرَاهَةِ هَكَذَا : قَالَ أَتُخْرِجُونَنَا مِنْ وَطَنِنَا بِغَيْرِ ذَنْبٍ يَقْتَضِي الْإِخْرَاجَ، وَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ لِمُفَارَقَتِهِ حَرِيصِينَ عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهِ ؟ وَهُوَ تَخْصِيصٌ لَا وَجْهَ لَهُ، فَاللَّفْظُ يَقْتَضِي تَقْدِيرَ كَرَاهَةِ كُلٍّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ لِحَذْفِ مُتَعَلِّقِ الْكَرَاهَةِ، وَالْمَقَامُ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِالْعَوْدِ فِي مِلَّتِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ الْأَهَمُّ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُنَاسِبُ لِبَقِيَّةِ جَوَابِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْهَا


الصفحة التالية
Icon