وقال الكعبي : إنما أضاف الطبع إلى نفسه لأجل أن القوم إنما صاروا إلى ذلك الكفر عند أمره وامتحانه فهو كقوله تعالى :﴿فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِى إِلاَّ فِرَاراً﴾ [ نوح : ٦ ].
واعلم أن البحث عن حقيقة الطبع والختم قد مر مراراً كثيرة فلا فائدة في الإعادة.
المسألة الرابعة :
قوله :﴿وَنَطْبَعُ﴾ هل هو منقطع عما قبله أو معطوف على ما قبله.
فيه قولان :
القول الأول : أنه منقطع عن الذي قبله، لأن قوله :﴿أصبنا﴾ ماض وقوله :﴿وَنَطْبَعُ﴾ مستقبل وهذا العطف ليس بمستحسن، بل هو منقطع عما قبله، والتقدير : ونحن نطبع على قلوبهم.
والقول الثاني : أنه معطوف على ما قبله قال صاحب "الكشاف" : هو معطوف على ما دل عليه معنى ﴿أَوَ لَمْ يَهْدِ﴾ كأنه قيل يغفلون عن الهداية، ونطبع على قلوبهم أو معطوف على قوله :﴿يَرِثُونَ الأرض﴾ ثم قال : ولا يجوز أن يكون معطوفاً على ﴿أصبناهم﴾ لأنهم كانوا كفاراً وكل كافر فهو مطبوع على قلبه، فقوله بعد ذلك :﴿وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ﴾ يجري مجرى تحصيل الحاصل وهو محال، هذا تقرير قول صاحب "الكشاف" على أقوى الوجوه وهو ضعيف، لأن كونه مطبوعاً عليه إنما يحصل حال استمراره وثباته عليه، فهو يكفر أولاً، ثم يصير مطبوعاً عليه في الكفر، فلم يكن هذا منافياً لصحة العطف. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٥٢ ـ ١٥٣﴾