وقال السمرقندى :
﴿ أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرض ﴾
يعني : أو لم يبيّن.
قال القتبي : أصل الهدى الإرشاد كقوله :﴿ عسى رَبّى أَن يَهْدِيَنِى ﴾ يعني : يرشدني.
ثم يصير الإرشاد لمعان منها إرشاد بيان مثل قوله ﴿ أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ ﴾ يعني : أو لم يبين لهم.
ومنها إرشادٌ بمعنى بالدعاء كقوله :﴿ وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ [ الرعد : ٧ ] يعني : نبياً يدعوهم وقوله :﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخيرات وَإِقَامَ الصلاة وَإِيتَآءَ الزكاة وَكَانُواْ لَنَا عابدين ﴾ [ الأنبياء : ٧٣ ] أي يدعون الخلق.
وقرأ بعضهم أو لم نهد بالنون يعني : أو لم نبين لهم الطريق.
ومن قرأ بالياء معناه : أو لم يبين الله للذين يرثون الأرض من بعد أهلها يعني : ينزلون الأرض ﴿ مِن بَعْدِ ﴾ هلاك ﴿ أَهْلِهَا ﴾.
ويقول أو نبيّن لأهل مكة هلاك الأمم الخالية كيف أهلكناهم ولم يقدر مبعودهم على نصرتهم.
﴿ أَن لَّوْ نَشَاء أصبناهم بِذُنُوبِهِمْ ﴾ يعني : أهلكناهم بذنوبهم كما أهلكنا من كان قبلهم عند التكذيب.
ثم قال :﴿ وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ ﴾ يعني : نختم على قلوبهم بأعمالهم الخبيثة عقوبة لهم ﴿ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ الحق ولا يقبلون المواعظ. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الثعلبى :
﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ ﴾
قرأ أبو عبد الرحمن وقتادة ويعقوب في رواية زيد ( نهد ) بالنون على التعظيم والباقون بالياء على [ التفريد ] ﴿ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ﴾ يستخلفون في ﴿ الأرض ﴾ بعد هلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها فساروا بسيرتهم [.... ] ربّهم ﴿ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ ﴾ أهلكناهم ﴿ بِذُنُوبِهِمْ ﴾ بما أهلكنا من قبلهم ﴿ وَنَطْبَعُ ﴾ نختم ﴿ على قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ الهدى ولا يقبلون الموعظة. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ فَهُم لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ أي لا يقبلون، كما قال في الصلاة، سمع الله لمن حمده، أي قبل الله ممن حمده، وقال الشاعر :
دَعَوْتُ اللَّهَ حَتَّى خِفْتُ أَلاَّ... يَكُونَ اللَّهُ يَسْمَعُ مَا أَقُولُ
أي يقبل. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية