قال أهل اللغة :( السيئة ) كل ما يسوء صاحبه، و ( الحسنة ) ما يستحسنه الطبع والعقل، والمعنى : أنه تعالى أخبر أنه يأخذ أهل المعاصي بالشدة تارة، وبالرخاء أخرى.
وقوله :﴿حتى عَفَواْ﴾ قال الكسائي : يقال : قد عفا الشعر وغيره، إذا كثر، يعفو فهو عاف ومنه قوله تعالى :﴿حتى عَفَواْ﴾ يعني كثروا ومنه ما ورد في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام، أمر أن تحف الشوارب، وتعفى اللحى يعني توفر وتكثر وقوله :﴿وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ ءابَآءَنَا الضرآء والسراء﴾ فالمعنى : أنهم متى نالهم شدة قالوا : ليس هذا بسبب ما نحن عليه من الدين والعمل وتلك عادة الدهر، ولم يكن ما مسنا من البأساء والضراء عقوبة من الله وهذه الحكاية تدل على أنهم لم ينتفعوا بما دبرهم الله عليه من رخاء بعد شدة، وأمن بعد خوف، بل عدلوا إلى أن هذه عادة الزمان في أهله، فمرة يحصل فيهم الشدة والنكد، ومرة يحصل لهم الرخاء والراحة، فبين تعالى أنه أزال عذرهم وأزاح علتهم، فلم ينقادوا ولم ينتفعوا بذلك الإمهال، وقوله :﴿فأخذناهم بَغْتَةً﴾ والمعنى : أنهم لما تمردوا على التقديرين، أخذهم الله بغتة أينما كانوا، ليكون ذلك أعظم في الحسرة.
وقوله :﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ أي يرون العذاب والحكمة في حكاية هذا المعنى أن يحصل الاعتبار لمن سمع هذه القصة وعرفها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٥٠﴾


الصفحة التالية
Icon