يُقَالُ : هَدَاهُ السَّبِيلَ أَوِ الشَّيْءَ، وَهَدَاهُ لَهُ وَهَدَاهُ إِلَيْهِ، إِذَا دَلَّهُ عَلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ، وَأَهْلُ الْغَوْرِ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَقُولُونَ : هَدَى لَهُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى بَيَّنَهُ لَهُ، نَقَلَهُ فِي (لِسَانِ الْعَرَبِ) وَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ فَسَّرَ بِهِ مَا فِي الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا، وَهَذَا التَّعْبِيرُ وَرَدَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَالِاسْتِفْهَامِ، وَمِثْلُهُ فِي سُورَةِ طَهَ : أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (٢٠ : ١٢٨) وَفِي سُورَةِ (الم - السَّجْدَةِ) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (٣٢ : ٢٦) وَالسِّيَاقُ الَّذِي وَرَدَتْ فِيهِ آيَةُ الْأَعْرَافِ الَّتِي نُفَسِّرُهَا مِثْلَ السِّيَاقِ الَّذِي وَرَدَتْ فِيهِ آيَتَا طَهَ وَالسَّجْدَةِ، وَالِاسْتِفْهَامُ هُنَا دَاخِلٌ عَلَى فِعْلٍ مَحْذُوفٍ عُطِفَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ كَمَا سَبَقَ فِي نَظَائِرِهِ، وَلِلتَّقْدِيرِ وُجُوهٌ كُلُّهَا تُفِيدُ الْعِبْرَةَ، فَهُوَ مِمَّا تَذْهَبُ النَّفْسُ فِيهِ مَذَاهِبَ مِنْ أَقْرَبِهَا أَنْ يُقَالَ : أَكَانَ مَجْهُولًا مَا ذُكِرَ آنِفًا عَنْ أَهْلِ الْقُرَى وَسُنَّةِ اللهِ تَعَالَى فِيهِمْ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ، وَجِيلًا فِي أَثَرِ جِيلٍ، أَوَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ بِهِ، أَنَّ شَأْنَنَا فِيهِمْ كَشَأْنِنَا فِيمَنْ سَبَقَهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ خَاضِعُونَ لِمَشِيئَتِنَا فَلَوْ نَشَاءُ أَنْ نُصِيبَهُمْ وَنُعَذِّبَهُمْ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ أَصَبْنَاهُمْ


الصفحة التالية
Icon