وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ﴾ الآية
المعنى في هذه الآية أنهم لو كانوا ممن سبق في علم الله أن يكتسبوا الإيمان والطاعات ويتصفوا بالتقى لتبع ذلك من فضل الله ورحمته وإنعامه ما ذكر من بركات المطر والنبات ولكنهم لما كانوا ممن سبق كفرهم وتكذيبهم تبع ذلك أخذ الله لهم بسوء ما اجترموه، وكل مقدور، والثواب والعقاب متعلق بكسب البشر، وبسببه استندت الأفعال إليهم في قوله :﴿ آمنوا واتقوا ﴾ وفي ﴿ كذبوا ﴾ وقرأ الستة من القراء السبعة " لفتحَنا " بخفيف التاء وهي قراءة الناس، وقرأ ابن عامر وحده وعيسى الثقفي وأبو عبد الرحمن :" لفتّحنا " بتشديد التاء، وفتح البركات إنزالها على الناس ومنه قوله تعالى :﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة ﴾ [ فاطر : ١ ] ومنه قالت الصوفية : الفتوح والبركات النمو والزيادات، ومن السماء لجهة المطر والريح والشمس، ومن الأرض لجهة الإنبات والحفظ لما ينبت، هذا هو الذي يدركه نظر البشر ولله خدام غير ذلك لا يحصى عددهم، وما في علم الله أكثر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ لفتحنا عليهم بَرَكاتٍ من السماء والأرض ﴾
قال الزجاج : المعنى : أتاهم الغيث من السماء، والنبات من الأرض، وجعل ذلك زاكياً كثيراً. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ﴾
يقال للمدينة قرية لاجتماع الناس فيها.
من قريت الماء إذا جمعته.
وقد مضى في "البقرة" مستوفى ﴿ آمَنُواْ ﴾ أي صدقوا.
﴿ واتقوا ﴾ أي الشرك.
﴿ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السمآء والأرض ﴾ يعني المطر والنبات.
وهذا في أقوام على الخصوص جرى ذكرهم.
إذ قد يمتحن المؤمنون بضيق العيش ويكون تكفيراً لذنوبهم.
ألا ترى أنه أخبر عن نوح إذ قال لقومه ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السمآء عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً ﴾ [ نوح : ١٠ و ١١ ].
وعن هود ﴿ ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السمآء عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً ﴾ [ هود : ٥٢ ].
فوعدهم المطر والخصب على التخصيص.
يدل عليه ﴿ ولكن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ أي كذبوا الرسل.
والمؤمنون صدقوا ولم يكذبوا. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon