والفتح : إزالة حَجْز شيء حاجز عن الدخول إلى مكان، يقال : فتح الباب وفتح البيت، وتعديته إلى البيت على طريقة التوسع، وأصله فتح للبيت، وكذلك قوله هنا :﴿ لفتحنا عليهم بركات ﴾ وقولُه :﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ﴾ [ فاطر : ٢ ]، ويقال : فتح كوة، أي : جعلها فتحة، والفتح هنا استعارة للتمكين، كما تقدم في قوله تعالى :﴿ فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء ﴾ في سورة الأنعام ( ٤٤ ).
وتعدية فعل الفتح إلى البركات هنا استعارة مكنية بتشبيه البركات بالبيوت في الانتفاع بما تحتويه، فهنا استعارتان مكنية وتبعية، وقرأ ابن عامر : لفتّحنا } بتشديد التاءِ وهو يفيد المبالغة.
والبركات : جمع بركة، والمقصود من الجمع تعددها، باعتبار تعدد أصناف الأشياء المباركة.
وتقدم تفسير البركة عند قوله تعالى :﴿ وهذا كتاب أنزلناه مبارك ﴾ في سورة الأنعام ( ٩٢ ).
وتقدم أيضاً في قوله تعالى :﴿ إن أول بيت وضع للناس للّذي بمكّة مباركاً ﴾ في سورة آل عمران ( ٩٦ ).
وتقدم أيضاً في قوله تعالى :﴿ تَبارك الله رب العالمين ﴾ في هذه السورة ( ٥٤ )، وجُماع معناها هو الخير الصالح الذي لا تبعة عليه في الآخرة فهو أحسن أحوال النعمة، ولذلك عبر في جانب المغضوب عليهم المستدرَجين بلفظ الحسنة } بصيغة الإفراد في قوله:
﴿ مكان السيئة الحسنة ﴾ وفي ج [ الأعراف : ٩٥ ] انب المؤمنين بالبركات مجموعة.
وقوله :﴿ من السماء والأرض ﴾ مراد به حقيقته، لأن ما يناله الناس من الخيرات الدنيوية لا يعدو أن يكون ناشئاً من الأرض، وذلك معظم المنافع، أو من السماء مثل ماء المطر وشعاع الشمس وضوء القمر والنجوم والهواء والرياح الصالحة.
وقوله :﴿ ولكن كذبوا ﴾ استثناء لنقيض شرط ( لو ) فإن التكذيب هو عدم الإيمان فهو قياس استثنائي.


الصفحة التالية
Icon