وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه خيل إلى موسى عليه السلام أن حبالهم وعصيهم حيات مثل عصا موسى، فأوحى الله عز وجل إليه ﴿أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ﴾ قال المحققون : إن هذا غير جائز، لأنه عليه السلام لما كان نبياً من عند الله تعالى كان على ثقة ويقين من أن القوم لم يغالبوه، وهو عالم بأن ما أتوا به على وجه المعارضة فهو من باب السحر والباطل، ومع هذا الجزم فإنه يمتنع حصول الخوف.
فإن قيل : أليس أنه تعالى قال :﴿فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً موسى ﴾ [ طه : ٦٧ ].
قلنا : ليس في الآية أن هذه الخيفة إنما حصلت لأجل هذا السبب، بل لعله عليه السلام خاف من وقوع التأخير في ظهور حجة موسى عليه السلام على سحرهم.
ثم إنه تعالى قال في صفة سحرهم :﴿وَجَاءو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ روي أن السحرة قالوا قد علمنا سحراً لا يطيقه سحرة أهل الأرض إلا أن يكون أمراً من السماء، فإنه لا طاقة لنا به.
وروي أنهم كانوا ثمانين ألفاً.
وقيل : سبعين ألفاً.
وقيل : بضعة وثلاثين ألفاً.
واختلفت الروايات، فمن مقل ومن مكثر، وليس في الآية ما يدل على المقدار والكيفية والعدد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٦٥ ـ ١٦٦﴾