وقال السمرقندى :
﴿ قَالَ ﴾ لهم موسى ﴿ أَلْقَوْاْ فَلَمَّا أَلْقُوْاْ ﴾ يعني : السحرة ألقوا الحبال والعصي ﴿ سَحَرُواْ أَعْيُنَ الناس ﴾ أي أخذوا أعينهم بالسحر ﴿ واسترهبوهم ﴾ يعني : طلبوا رهبتهم حتى رهبهم الناس.
قال الكلبي : كانت السحرة سبعين فألقوا سبعين عصا وسبعين حبلاً.
وقال بعضهم : كانوا اثنين وسبعين حبلاً.
وروى أسباط عن السدي قال : قال ابن عباس كانوا بضعاً وثلاثين ألفاً.
وقال محمد بن إسحاق : كانوا ألف رجل وخمسمائة رجل ومع كل واحد منهم عصا : وقد كانوا خاطوا الحبال وجعلوها مموهة بالرصاص وحشوها بالزئبق حتى إذا ألقوها تحركت كأنها حيات، لأن الزئبق لا يستقر في مكان واحد، فلما طلعت عليه الشمس صارت شبيهاً بالحيات فنظر موسى فإذا الوادي قد امتلأ بالحيات، فدخل فيه الخوف، ونظر الناس إلى ذلك فخافوا من كثرة الحيات.
فذلك قوله :﴿ واسترهبوهم ﴾ يعني : أفزعوهم وأخافوهم ﴿ وَجَاءو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾ يعني : بسحر تام.
ويقال :﴿ وَجَاءو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾ يعني : بقول عظيم حيث قالوا ﴿ فَأَلْقَوْاْ حبالهم وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون ﴾ [ الشعراء : ٤٤ ] ويقال :﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾ حيث قالوا : بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ سحروا أعين الناس ﴾
نص في أن لهم فعلاً ما زائداً على ما يحدثونه من التزيق والآثار في العصا وسائر الأجسام التي يصرفون فيها صناعتهم ﴿ واسترهبوهم ﴾ بمعنى أرهبوهم أي فزعوهم فكأن فعلهم اقتضى واستدعى الرهبة من الناس، ووصف الله سحرهم بالعظم، ومعنى ذلك من كثرته، وروي أنهم جلبوا ثلاثمائة وستين بعيراً موقرة بالحبال والعصي فلما ألقوها تحركت وملأت الوادي يركب بعضها بعضاً، فاستهول الناس ذلك واسترهبوهم، قال الزجاج : قيل إنهم جعلوا فيها الزئبق فكانت لا تستقر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon