قال تعالى :﴿فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبّنَا﴾ [ الصافات : ٣١ ] وقال :﴿فَحَقَّ عَلَيْهَا القول﴾ [ الإسراء : ١٦ ] فحقيق يجوز أن يكون موصولاً بحرف على من هذا الوجه، وأيضاً فإن قوله :﴿حَقِيقٌ﴾ بمعنى واجب، فكما أن وجب يتعدى بعلي، كذلك حقيق إن أريد به وجب، يتعدى بعلي.
وأما قراءة العامة ﴿حَقِيقٌ عَلَىَّ﴾ بسكون الياء.
ففيه وجوه : الأول : أن العرب تجعل الباء في موضع "علي" تقول : رميت على القوس وبالقوس، وجئت على حال حسنة، وبحال حسنة.
قال الأخفش : وهذا كما قال :﴿وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صراط تُوعِدُونَ﴾ [ الأعراف : ٨٦ ] فكما وقعت الباء في قوله :﴿بِكُلّ صراط﴾ موضع "علي" كذلك وقعت كلمة "علي" موقع الباء في قوله :﴿حَقِيقٌ عَلَىَّ أَنْ لا أَقُولَ﴾ يؤكد هذا الوجه قراءة عبد الله ﴿حَقِيقٌ بِأَنَّ لا أَقُولَ﴾ وعلى هذه القراءة فالتقدير : أنا حقيق بأن لا أقول، وعلى قراءة نافع يرتفع بالابتداء، وخبره ﴿أَن لا أَقُولَ﴾ الثاني : أن الحق هو الثابت الدائم، والحقيق مبالغة فيه، وكان المعنى : أنا ثابت مستمر على أن لا أقول إلا الحق.
الثالث : الحقيق ههنا بمعنى المحقوق، وهو من قولك : حققت الرجل إذا ما تحققته وعرفته على يقين، ولفظة ﴿عَلَىَّ﴾ ههنا هي التي تقرن بالأوصاف اللازمة الأصلية، كقوله تعالى :﴿فِطْرَةَ الله التى فَطَرَ الناس عَلَيْهَا﴾ [ الروم : ٣٠ ] وتقول : جاءت فلان على هيئته وعادته، وعرفته وتحققته على كذا وكذا من الصفات، فمعنى الآية : أني لم أعرف ولم أتحقق إلا على قول الحق.
والله أعلم.
أما قوله :﴿فَأَرْسِلْ مَعِىَ بَنِى إسرائيل ﴾ أي أطلق عنهم وخلهم، وكان فرعون قد استخدمهم في الأعمال الشاقة، مثل ضرب اللبن ونقل التراب، فعند هذا الكلام قال فرعون :﴿قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِئَايَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٥٥ ـ ١٥٦﴾. بتصرف يسير.


الصفحة التالية
Icon