وقال أبو السعود :
﴿ فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾
أي ظاهرٌ أمرُه لا يُشك في كونه ثعباناً وهو الحيةُ العظيمةُ، وإيثارُ الجملةِ الاسميةِ للدِلالة على كمال سرعةِ الانقلاب وثباتِ وصفِ الثُعبانية فيها كأنها في الأصل كذلك. وروي أنه لما ألقاها صارت ثعباناً أشعَرَ فاغراً فاه بين لَحْيَيهِ ثمانون ذراعاً وَضع لَحيَه الأسفلَ على الأرض والأعلى على سور القصرِ، ثم توجه نحو فرعون فهرب منه وأحدث فانهزم الناسُ مزدحمين فمات منهم خمسةٌ وعشرون ألفاً فصاح فرعونُ : يا موسى أنشُدك بالذي أرسلك خُذْه وأنا أؤمن بك وأرسلُ معك بني إسرائيلَ فأخذه فعاد عصا ﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ ﴾ أي من جيبه أو من تحت إِبطِه ﴿ فَإِذَا هِىَ بَيْضَاء للناظرين ﴾ أي بيضاءُ بياضاً نورانياً خارجاً عن العادة يجتمع عليه النَّظارةُ تعجباً من أمرها، وذلك ما يروى أنه أرى فرعونَ يدَه وقال : ما هذه؟ فقال : يدُك، ثم أدخلها جيبه وعليه مدرّعةُ صوفٍ ونزعها فإذا هي بيضاءُ بياضاً نورانياً غلب شعاعُه شعاعَ الشمس وكان عليه السلام آدمَ شديدَ الأدَمةِ، وقيل : بيضاء للناظرين لا أنها كانت بيضاءَ في جِبِلّتها. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾