والسدي أنه عليه السلام لما ألقاها صارت حية صفراء شعراء فاغرة فاهاً بين لحييا ثمانون ذراعاً وارتفعت من الأرض بقدر ميل وقامت على ذنبها واضعة لحيها الأسفل في الأرض ولحيها الأعلى على سور القصر وتوجهت نحو فرعون لتأخذه فوثب عن سريره هارباً وأحدث، وفي بعض الروايات أنه أحدث في ذلك اليوم أربعمائة مرة، وفي أخرى أنه استمر معه داء البطن حتى غرق، وقيل : إنها أخذت قبة فرعون بين أنيابها وأنها حملت على الناس فانهزموا مزدحمين فمات منهم خمسة وعشرون أفاً، فصاح فرعون يا موسى أنشدك بالذي أرسلك أن تأخذها وأنا أومن بك وأرسل معك بني إسرائيل، فأخذها فعادت عصا كما كانت، وعن معمر أنها كانت في العظم كالمدينة، وقيل : كان طولها ثمانين ذراعاً، وعن وهب بن منبه أن بين لحييها اثني عشر ذراعاً، وعلى جميع الروايات لا تعارض بين ماهنا وقوله سبحانه :﴿ كَأَنَّهَا جَانٌّ ﴾ [ النمل : ١٠ ] بناء على أن الجان هي الحية الصغيرة لما قالوا : إن القصة غير واحدة، أو أن المقصود من ذلك تشبيهاً في خفة الحركة بالجان لا بيان جثتها، أو لما قيل : إنها انقلبت جاناً وصارت ثعباناً فحكيت الحالتان في آيتين، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك.