قال : وللعصا فوائد كثيرة منها ما هو مذكور في القرآن كقوله :﴿قَالَ هِىَ عَصَاىَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِى وَلِىَ فِيهَا مَأَرِبُ أُخرى﴾ [ طه : ١٨ ] وذكر الله من تلك المآرب في القرآن قوله :﴿اضرب بّعَصَاكَ الحجر فانفجرت مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ [ البقرة : ٦٠ ] وذكر ابن عباس أشياء أخرى منها : أنه كان يضرب الأرض بها فتنبت، ومنها : أنه كانت تحارب اللصوص والسباع التي كانت تقصد غنمه، ومنها : أنها كانت تشتعل في الليل كاشتعال الشمعة، ومنها : أنها كانت تصير كالحبل الطويل فينزح به الماء من البئر العميقة.
واعلم أن الفوائد المذكورة في القرآن معلومة، فأما الأمور التي هي غير مذكورة في القرآن فكل ما ورد به خبر صحيح فهو مقبول وما لا فلا، وقوله أنه كان يضرب بها الأرض فتخرج النبات ضعيف، لأن القرآن يدل على أن موسى عليه السلام، كان يفزع إلى العصا في الماء الخارج من الحجر، وما كان يفزع إليها في طلب الطعام.
أما قوله :﴿فَظَلَمُواْ بِهَا﴾ أي فظلموا بالآيات التي جاءتهم، لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه فلما كانت تلك الآيات قاهرة ظاهرة، ثم إنهم كفروا بها فوضعوا الإنكار في موضع الإقرار والكفر في موضع الإيمان، كان ذلك ظلماً منهم على تلك الآيات.
ثم قال :﴿فانظر﴾ أي بعين عقلك ﴿كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين﴾ وكيف فعلنا بهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٤٥ ـ ١٥٥﴾