وكان معهم فيما رُوي حِبالٌ وِعصِيّ يحملها ثلاثمائة بعير.
فالتقمت الحية ذلك كله.
قال ابن عباس والسُّدّي : كانت إذا فتحت فَاهَا صار شِدْقُها ثمانين ذراعاً ؛ واضعة فكَّها الأسفل على الأرض، وفكّها الأعلى على سُور القصر.
وقيل : كان سعة فمها أربعين ذراعاً ؛ والله أعلم.
فقصدت فرعون لتبتلعه، فوثب من سريره فهرب منها واستغاث بموسى ؛ فأخذها فإذا هي عصاً كما كانت.
قال وهب : مات من خوف العَصَا خمسة وعشرون ألفاً.
﴿ قالوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً ﴾ أي جائزة ومالاً.
ولم يقل فقالوا بالفاء ؛ لأنه أراد لما جاءوا قالوا : وقرىء "إنَّ لَنَا" على الخبر.
وهي قراءة نافع وابن كثير.
ألزموا فرعونَ أن يجعل لهم مالاً إن غَلَبوا ؛ فقال لهم فرعون :﴿ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين ﴾ أي لمن أهل المنزلة الرفيعة لدينا، فزادهم على ما طلبوا.
وقيل : إنهم إنما قطعوا ذلك لأنفسهم في حكمهم إن غلبوا.
أي قالوا : يجب لنا الأجر إن غلبنا.
وقرأ الباقون بالاستفهام على جهة الاستخبار.
استخبروا فرعون : هل يجعل لهم أجراً إن غلبوا أولا ؛ فلم يقطعوا على فرعون بذلك : إنما استخبروه هل يفعل ذلك ؛ فقال لهم "نعم" لكم الأجر والقُرْب إن غلَبَتم.
تأدّبوا مع موسى عليه السلام فكان ذلك سبب إيمانهم.
و"أن" في موضع نصب عند الكسائي والفراء، على معنى إما أن تفعل الإلقاء.
ومثلهُ قول الشاعر :
قالوا الرُّكوبَ فقلنا تلك عادتنا...
﴿ قَالَ أَلْقَوْاْ ﴾ قال الفراء : في الكلام حذف.
والمعنى : قال لهم موسى إنكم لن تغلبوا ربكم ولن تُبطلوا آياته.
وهذا من معجز القرآن الذي لا يأتي مثله في كلام الناس، ولا يقدرون عليه.
يأتي اللفظ اليسير بجمع المعاني الكثيرة.
وقيل : هو تهديد.
أي ابتدئوا بالإلقاء، فسترون ما يحلّ بكم من الافتضاح ؛ إذ لا يجوز على موسى أن يأمرهم بالسحر.
وقيل : أمرهم بذلك ليبيّن كذبهم وتمويههم.


الصفحة التالية
Icon