﴿ فَلَمَّآ أَلْقُوْاْ ﴾ أي الحبال والعِصِيّ.
﴿ سحروا أَعْيُنَ الناس ﴾ أي خَيّلوا لهم وقلبوها عن صحة إدراكها، بما يُتخيّل من التمويه الذي جرى مجرى الشعوذة وخفة اليد ؛ كما تقدم في "البقرة" بيانه.
ومعنى ﴿ عَظِيمٍ ﴾ أي عندهم ؛ لأنه كان كثيراً وليس بعظيم على الحقيقة.
قال ابن زيد كان الاجتماع بالإسكندرية فبلغ ذَنَب الحيّة وراء البحيرة.
وقال غيره : وفتحت فَاهَا فجعلت تلقف أي تلتقم ما ألقوا من حبالهم وعِصيّهم.
وقيل : كان ما ألقوا حبالاً من أَدَم فيها زئبق فتحركت وقالوا هذه حيّات.
وقرأ حَفْص "تَلْقف" بإسكان اللام والتخفيف.
جعله مستقبل لَقِف يَلْقَف.
قال النحاس : ويجوز على هذه القراءة "تِلْقَف" لأنه من لَقِف.
وقرأ الباقون بالتشديد وفتح اللام، وجعلوه مستقبل تَلقّف ؛ فهي تَتَلَقّف.
يقال : لقِفت الشيء وتلقفته إذا أخذته أو بَلَعته.
تَلْقَف وتَلْقَم وتَلْهَم بمعنىً واحد.
قال أبو حاتم : وبلغني في بعض القراءات "تَلَقّم" بالميم والتشديد.
قال الشاعر :
أنت عَصَا موسى التي لم تزلْ...
تَلْقَمُ ما يأْفِكُه الساحرُ
ويروى : تلقف.
﴿ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ أي ما يكذبون، لأنهم جاؤوا بحبال وجعلوا فيها زئبقاً حتى تحركت.
قوله تعالى :﴿ فَوَقَعَ الحق ﴾ قال مجاهد : فظهر الحق.
﴿ وانقلبوا صَاغِرِينَ ﴾ نصب على الحال.
والفعل منه صَغِر يَصْغَر صَغَراً وصِغَراً وصَغاراً.
أي انقلب قوم فرعونَ وفرعونُ معهم أذِلاّء مَقْهُورين مغلوبين.
فأما السحرة فقد آمنوا.
قوله تعالى :﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ ﴾ إنكار منه عليهم.
﴿ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي المدينة لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا ﴾ أي جرت بينكم وبينه مُواطأة في هذا لتستولوا على مصر، أي كان هذا منكم في مدينة مصر قبل أن تبرزوا إلى هذه الصحراء ﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ تهديد لهم.