وهذه من تلك المواضع التي يكثر ورودها في التعبير القرآني. ذلك أن الشرك أو الكفر هو أقبح الظلم، كما أنه كذلك هو أشنع الفسق.. والذين يكفرون أو يشركون يظلمون الحقيقة الكبرى - حقيقة الألوهية وحقيقة التوحيد - ويظلمون أنفسهم بإيرادها موارد الهلكة في الدنيا والآخرة. ويظلمون الناس بإخراجهم من العبودية لله الواحد إلى العبودية للطواغيت المتعددة والأرباب المتفرقة.. وليس بعد ذلك ظلم.. ومن ثم فالكفر هو الظلم " والكافرون هم الظالمون " كما يقول التعبير القرآني الكريم.. وكذلك الذي يكفر أو يشرك إنما يفسق ويخرج عن طريق الله وصراطه المستقيم إلى السبل التي لا تؤدي إليه - سبحانه - إنما تؤدي إلى الجحيم!
ولقد ظلم فرعون وملؤه بآيات الله : أي كفروا بها وجحدوا.
﴿ فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ﴾..
وهذه العاقبة ستجيء في السياق عن قريب.. أما الآن فننظر كذلك في مدلول كلمة :﴿ المفسدين ﴾ وهي مرادف لكلمة " الكافرين " أو " الظالمين " في هذا الموضع.. إنهم ظلموا بآيات الله : أي كفروا بها وجحدوا فانظر كيف كان عاقبة ﴿ المفسدين ﴾ هؤلاء.