إنهم يصرحون بالنتيجة الهائلة التي تتقرر من إعلان تلك الحقيقة. إنها الخروج من الأرض.. إنها ذهاب السلطان.. إنها إبطال شرعية الحكم.. أو.. محاولة قلب نظام الحكم!.. بالتعبير العصري الحديث!
إن الأرض لله. والعباد لله. فإذا ردت الحاكمية في أرض لله، فقد خرج منها الطغاة، الحاكمون بغير شرع الله! أو خرج منها الأرباب المتألهون الذين يزاولون خصائص الألوهية بتعبيد الناس لشريعتهم وأمرهم. وخرج منها الملأ الذين يوليهم الأرباب المناصب والوظائف الكبرى، فيعبدون الناس لهذه الأرباب!
هكذا أدرك فرعون وملؤه خطورة هذه الدعوة.. وكذلك يدركها الطواغيت في كل مرة.. لقد قال الرجل العربي - بفطرته وسليقته - حين سمع رسول الله - ﷺ - يدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله :" هذا أمر تكرهه الملوك! ". وقال له رجل آخر من العرب بفطرته وسليقته :" إذن تحاربك العرب والعجم ".. لقد كان هذا العربي وذاك يفهم مدلولات لغته. كان يفهم أن شهادة أن لا إله إلا الله ثورة على الحاكمين بغير شرع الله عرباً كانوا أم عجماً! كانت لشهادة أن لا إله إلا الله جديتها في حسن هؤلاء العرب، لأنهم كانوا يفهمون مدلول لغتهم جيداً. فما كان أحد منهم يفهم أنه يمكن أن تجتمع في قلب واحد، ولا في أرض واحدة، شهادة أن لا إله إلا الله، مع الحكم بغير شرع الله! فيكون هناك آلهة مع الله! ما كان أحد منهم يفهم شهادة أن لا إله إلا الله كما يفهمها اليوم من يدعون أنفسهم " مسلمين ".
. ذلك الفهم الباهت التافه الهزيل!
وهكذا قال الملأ من قوم فرعون، يتشاورون مع فرعون :
﴿ إن هذا لساحرعليم. يريد أن يخرجكم من أرضكم. فماذا تأمرون؟ ﴾..
واستقر رأيهم على أمر :
﴿ قالوا : أرجه وأخاه، وأرسل في المدائن حاشرين، يأتوك بكل ساحر عليم ﴾..