وقال السمرقندى :
﴿ فَوَقَعَ الحق ﴾ أي استبان الحق وظهر أنه ليس بسحر ﴿ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ من السحر أي : ذهب وهلك واضمحل ﴿ فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ ﴾ أي وغَلَب موسى السحرة عند ذلك ﴿ وانقلبوا صاغرين ﴾ يعني : رجعوا ذليلين.
قالوا : لو كان هذا سحراً فأين صارت حبالنا وعصينا.
ولو كانت سحراً لبقيت حبالنا وعصينا وهذا من الله تعالى وليس بسحر.
فآمنوا بموسى.
قوله تعالى :﴿ وَأُلْقِىَ السحرة ساجدين ﴾ يعني : خروا ساجدين لله تعالى.
قال الأخفش : من سرعة ما سجدوا كأنهم ألقوا.
ويقال : وفّقهم الله تعالى للسجود ﴿ قَالُواْ ءامَنَّا بِرَبّ العالمين ﴾ فقال لهم فرعون : إياي تعنون.
فأراد أن يلبس على قومه فقالوا :﴿ رَبّ موسى وهارون ﴾ فقدم فرعون لما سألهم، لأن بعض الناس كانوا يظنون عند مقالتهم رب العالمين أنهم أرادوا به فرعون.
فلما سألهم فرعون وقالوا : برب موسى وهارون، ظهر عند جميع الناس أنهم لم يريدوا به فرعون، وإنما أرادوا به الإيمان بموسى وبرب العالمين. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الماوردى :
قوله :﴿ فَوَقَعَ الْحَقُّ ﴾ أي ظهر الحق، قاله الحسن، ومجاهد، وفي الحق الذي ظهر فيه قولان :
أحدهما : ظهرت عصا موسى على حبال السحرة.
والثاني : ظهرت نبوة موسى على ربوبية فرعون.
قوله عز وجل :﴿ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴾ في سجودهم قولان :
أحدهما : أنهم سجدوا لموسى تسليماً له وإيماناً به.
والثاني : أنهم سجدوا لله إقراراً بربوبيته، لأنهم ﴿ قَالُوا ءَامَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾.
وفي سجودهم قولان :
أحدهما : أن الله ألهمهم ذلك لطفاً بهم.
والثاني : أن موسى وهارون سجدا شكراً لله عند ظهور الحق على الباطل فاقتدوا بهما في السجود لله طاعة. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon