وقال ابن عطية :
وقول فرعون ﴿ قبل أن آذن لكم ﴾ دليل على وهن أمره لأنه إنما جعل ذنبهم مفارقة الإذن ولم يجعله نفس الإيمان إلا بشرط، وقرأ عاصم في رواية حفص عنه في كل القرآن " آمنتم " على الخبر، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر " آمنتم " بهمزة ومدة على الاستفهام وكذلك في طه والشعراء، وقرأ حمزة والكسائي في الثلاثة المواضيع " أآمنتم " بهمزتين الثانية ممدودة، ورواها الأعمش عن أبي بكر عن عاصم، وقرأ ابن كثير في رواية أبي الأخريط عنه " وآمنتم " وهي على ألف الاستفهام إلا أنه سهلها واواً فأجرى المنفصل مجرى المتصل في قولهم تودة في تؤدة، وقرأ قنبل عن القواس " وآمنتم " وهي على القراءة بالهمزتين " اآمنتم " إلا أنه سهل ألف الاستفهام واواً وترك ألف أفعلتم على ما هي عليه، والضمير في ﴿ به ﴾ يحتمل أن يعود على اسم الله تعالى، ويحتمل أن يعود على موسى عليه السلام، وعنفهم فرعون على الإيمان قبل إذنه ثم ألزمهم أن هذا كان على اتفاق منهم، وروي في ذلك عن ابن عباس وابن مسعود : أن موسى اجتمع مع رئيس السحرة واسمه شمعون فقال له موسى : أرأيت إن غلبتكم أتؤمنون بي فقال له نعم، فعلم بذلك فرعون، فلذلك قال ﴿ إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة ﴾.
ثم قال للسحرة ﴿ لأقطعن أيديكم وأرجلكم ﴾ الآية، فرجع فرعون في مقالته هذه إلى الخذلان والغشم وعادة ملوك السوء إذا غولبوا، وقرأ حميد المكي وابن محصن ومجاهد " لأقْطَعن " بفتح الهمزة والطاء وإسكان القاف، " ولأصْلُبن " بفتح الهمزة وإسكان الصاد وضم اللام، وروي بكسرها، و﴿ من خلاف ﴾ معناه يمنى ويسرى.