قَالَ الرَّاغِبُ : لَقِفْتُ الشَّيْءَ أَلْقَفُهُ " أَيْ مِنْ بَابِ عَلِمَ " وَتَلَقَّفْتُهُ تَنَاوَلْتُهُ بِالْحِذْقِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ تَنَاوَلَهُ بِالْفَمِ أَوِ الْيَدِ قَالَ : فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ا هـ. وَمِنْ مَجَازِهِ تَلَقُّفُ الْعِلْمِ أَيْ : تَلَقِّيهِ بِسُرْعَةٍ وَحِذْقٍ، وَ (مَا) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : مَا يَأْفِكُونَ إِمَّا مَوْصُولَةٌ وَإِمَّا مَصْدَرِيَّةٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَخَرَّجُ مَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ وَالسُّدِّيِّ مِنْ كَوْنِ عَصَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الْتَقَمَتْ حِبَالَ السَّحَرَةِ وَعِصِيَّهُمْ وَاسْتَرَطَتْهَا ؛ أَيِ : ابْتَلَعَتْهَا فَهُوَ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَنِ الْيَهُودِ لِمَا عَلِمْتَ آنِفًا مِنْ نَصِّ سِفْرِ الْخُرُوجِ فِيهِ، وَيُنَافِيهِ كَوْنُهَا مَصْدَرِيَّةً إِذِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَنَّهَا تَنَاوَلَتْ عَمَلَهُمْ هَذَا، فَأَتَتْ عَلَيْهِ بِمَا أَظْهَرَتْ مِنْ بُطْلَانِهِ وَحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي نَفْسِهِ بِسُرْعَةٍ، فَإِنْ كَانَ إِفْكُهُمْ عِبَارَةً عَنْ تَأْثِيرٍ أَحْدَثُوهُ فِي الْعَيْنِ، فَلَقْفُهَا إِيَّاهُ عِبَارَةٌ عَنْ إِزَالَتِهِ وَإِبْطَالِهِ وَرُؤْيَةِ الْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ عَلَى حَقِيقَتِهَا - وَإِنْ كَانَ تَحْرِيكًا لَهَا بِمُحَرِّكَاتٍ خَفِيَّةٍ سَرِيعَةٍ، فَكَذَلِكَ - وَإِنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ بِجَعْلِهَا مُجَوَّفَةً مَحْشُوَّةً بِالزِّئْبَقِ وَتَحْرِيكِهِ إِيَّاهَا بِفِعْلِ الْحَرَارَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ نَارًا أُعِدَّتْ لَهَا أَوِ الشَّمْسَ حِينَ أَصَابَتْهَا، فَلَقْفُهَا لِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِعَمَلٍ مِنَ الْحَيَّةِ أَخَرَجَتْ بِهِ الزِّئْبَقَ مِنَ الْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ فَانْكَشَفَتْ بِهِ