وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ﴾
قال أبو عبيدة : مجازُه : ابتليناهم بالجدوب.
وآل فرعون : أهل دينه وقومه.
وقال مقاتل : هم أهل مصر.
قال الفراء :"بالسنين" أي : بالقحط والجدوب عاماً بعد عام.
وقال الزجاج : السنون في كلام العرب : الجدوب، يقال : مستهم السَّنة، ومعناه : جدب السَّنة، وشدة السَّنة.
وإنما أخذهم بالضراء، لأن أحوال الشدة، تُرِقُ القلوب، وتُرغِّب فيما عند الله وفي الرجوع اليه، قال قتادة : أما السنون، فكانت في بواديهم ومواشيهم، وأما نقص الثمرات، فكان في أمصارهم وقراهم.
وروى الضحاك عن ابن عباس قال : يبس لهم كل شيء، وذهبت مواشيهم، حتى يبس نيل مصر، فاجتمعوا إلى فرعون فقالوا له : إن كنت رباً كما تزعم فاملأ لنا نيل مصر، فقال : غُدْوة يصبِّحكم الماء، فلما خرجوا من عنده، قال : أيَّ شيء صنعت؟ أنا أقدر أن أجيء بالماء في نيل مصر غدوة أصبح، فيكذِّبوني؟! فلما كان جوف الليل، اغتسل، ثم لبس مِدرعة من صوف، ثم خرج حافياً حتى اتى بطن نيل مصر فقام في بطنه، فقال : اللهم إنك تعلم أني أعلم أنك تقدر أن تملأ نيل مصر ماء، فاملأه، فما علم إلا بخرير الماء لما أراد الله به من الهلكة.
قلت : وهذا الحديث بعيد الصحة، لأن الرجل كان دهرياً لا يثبت إِلهاً، ولو صح، كان إقراره بذلك كاقرار ابليس، وتبقى مخالفته عناداً. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon