" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قرأ عيسى بنُ عُمَرَ : وطلحةُ بنُ مصرف " تَطَيَّروا " بتاءٍ من فوق على أنَّهُ فعلٌ ماضٍ وهو عند سيبويه وأتباعه ضرورةٌ.
إذ لا يقعُ فعل الشَّرْطِ مضارعاً، والجزاء ماضياً إلاَّ ضرورةً، كقوله :[ الخفيف ]
٢٥٥١ - مَنْ يَكِدْنِي بِسَيِّىءٍ كُنْتُ مِنْهُ...
كالشَّجَى بَيْنَ حَلْقِهِ والوريدِ
وقوله :[ البسيط ]
٢٥٥٢ - إن يَسْمَعُوا سُبَّةً طَارُوا بِهَا فَرحاً...
مِنِّي وما يَسْمَعُوا مِنْ صالحٍ دَفَنُوا
وقد تقدَّم الخلافُ في ذلك.
والتَّطير : التَّشاؤُم، وأصلُهُ، أن يُفَرَّق المالُ ويطير بين القوم فيطير لِكُلِّ أحدٍ حظَّه، ثمَّ أطلق على الحَظِّ، والنَّصيب السَّيِّىء بالغَلبَةِ.
وأنشدوا للبيد :[ الوافر ]
٢٥٥٣ - تَطِيرُ عدائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعاً...
وَوِتْراً والزَّعَامَةُ لِلْغُلامِ
الأشْرَاكَ جمع شِرْكٍ، وهو النَّصيب.
أي : طار المال المقسوم شَفْعاً للذَّكر، وَوِتْراً للأنثى والزَّعامةَ : أي : الرِّئاسة للذكر، فهذا معناه : تَفَرَّق، وصار لكُل أحد نصيبُه، وليس من الشُّؤمِ في شيءٍ، ثم غلبَ على ما ذكرناه.
قوله :﴿ ألا إنما طائرهم عند الله ﴾ أي حَظُّهم، وما طار لهم في القضاء والقدر، أو شؤمهم أي : سبب شؤمهم عند الله، وهو ما ينزله بهم.
قال ابن عباس : يريد شؤمهم عند الله، وهو ما ينزله بهم.
قال ابن عباس : يريد شُؤمَهُمْ عند الله، أي من قِبَل الله، أي : إنما جاءهم الشَّرُّ بقضاءِ الله وحُكْمِهِ.
قال الفَرَّاءُ : وقد تَشَاءَمَت اليهود بالنبي - عليه السلام - بـ " المدينة "، فقالوا : غَلَتْ أسْعَارُنَا، وقَلَّتْ أمطارنا مذ أتانا، وكثرت أمواتنا.
ثم أعلم الله على لسان رسوله - عليه السلام - أن طيرتهُمْ باطلة، فقال :" لا طيرة ولا هامة " - وكان النبي عليه السلام يَتفَاءَلُ ولا يَتَطَيَّرُ.


الصفحة التالية
Icon