وأصل الفَألِ : الكلمة الحسنة، وكانت العرُب مذهبها في الفَألِ والطِّيرةِ واحداً، فأثبت النبي ﷺ الفَألَ، وأبطل الطِّيرةَ.
والفَرْقُ بينهما أن الأرْوَاحَ الإنسانية أقوى وأصْفَى من الأرواح البهيمية والطيرية، فالكلمة التي تَجْري على لسان الإنسان يمكن الاسْتِدْلالُ بها ؛ بخلاف طيرانِ الطير، وحَرَكَاتِ البهائم، فإن أرْوَاحَهَا ضعيفة، فلا يمكن الاستدلالُ بها على شيء من الأحوال، ثم قال تعالى :﴿ ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [ أي ] : أن الكل من الله تعالى ؛ لأن أكثر الخَلْقِ يُضِيفُونَ الحوادث إلى الاسبابِ المحسوسة، ويقطعونها عن قضاءِ الله وقَدجره، والحق أن الكل من الله ؛ لأن كل موجود إما واجب لذاته، أو ممكن لذاته، والواجب لِذَاتِهِ واحد، وما سواه ممكن لذاته والممكن لذاته لا يوجد إلا بإيجاد الوَاجِبِ لذاته، فكان الكل من الله - تعالى -، فإسنادها إلى غير الله يكون جَهْلاً بكمال الله تعالى.
قال الأزهريُّ : قيل للشُّؤم طائر وطير، لأنَّ العرب كانت إذ خرجت وطار الطَّائِرُ ذات اليسار تشَاءَمُوا بها، فَسَموا الشؤمَ طيراً وطَائِراً لتشاؤمهم بها.
قال القُرْطُبِيُّ : وأصل هذا من الطِّيرةِ وزجر الطَّيْرِ، ثمَّ كَثُر استعمالهم حتَّى قيل لِكُلَ مَنْ تشاءم : تَطّيَّر.
وكانت العربُ تَتَيَمَّن بالسَّانِحِ : وهو الذي يأتي من ناحية اليَمينِ وتتشاءهم بالبَارحِ : وهو الذي يأتي من ناحية الشّمَالِ.
وكانوا يَتَطَيَّرُون أيضاً بِصَوْتِ الغراب ويتأوَّلُونَهُ البَيْن، ويستدلُّونَ بمجاوبات الطيور بعضها بعضاً على أمور، وبأصواتها في غير أوقاتها المَعْهُودَة على مثل ذلك.