وقال السمرقندى :
﴿ فانتقمنا مِنْهُمْ فأغرقناهم فِي اليم ﴾
يعني في البحر بلسان العبرانية.
وذلك أن الله تعالى أمر موسى بأن يخرج ببني إسرائيل من أرض مصر ليلاً، فاستعارت نسوة بني إسرائيل من نساء آل فرعون حليهن وثيابهن، وقلن : إن لنا خروجاً فخرج موسى ببني إسرائيل في أول الليل وهم ستمائة ألف من رجل وامرأة وصبي.
فذكر ذلك لفرعون.
فتهيأ للخروج إليهم فلما كان وقت الصبح ركب فرعون ومعه ألف ألف رجل، ومائتا ألف رجل، فأدركهم حين طلعت الشمس وانتهى موسى إلى البحر ؛ فضرب البحر فانفلق له اثنا عشر طريقاً.
وكانت بنو إسرائيل اثني عشر سبطاً.
فعبر كل سبط في طريق، وأقبل فرعون ومن معه حتى انتهوا إلى حيث عبر موسى، فدخلوا تلك الطريق في طلبهم فلما دخل آخرهم وهمّ أولهم أن يخرج، أمر الله تعالى أن ينطبق عليهم فغرقهم.
فذلك قوله تعالى :﴿ فانتقمنا مِنْهُمْ فأغرقناهم فِي اليم بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بآياتنا ﴾ يعني : الآيات التسع وهي اليد والعصا والسنون ونقص من الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات ﴿ وَكَانُواْ عَنْهَا غافلين ﴾ يعني : معرضين.
فلم يتفكروا ولم يعتبروا بها حتى رجع موسى ببني إسرائيل، فسكنوا أرض مصر فذلك قوله :﴿ وَأَوْرَثْنَا القوم ﴾. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾