أي لا تنظر إلى ما منعتك، بل اذكر أني اصطفيتك وكلمتك وعليك أن تشكر لي هذا. ولذلك يجب على الإِنسان المؤمن حين يتلقى قضاء الله فيه أن ينظر دائماً إلى ما بقي له من النعم. لا إلى ما سلب عنه من النعم. ولذلك نجد المؤمن المتفاءل ينظر إلى الكوب الذي نصفه مملوء بالماء فيقول : الحمد لله نصف الكوب ملآن. أما المتشائم فيقول : إن نصف الكوب فارغ، وبرغم أن كُلاًّ منهما يقرر الحقيقة إلا أن المؤمن المتفائل نظر إلى ما بقي من نعم الله.
إننا نجد ابن جعفر حين ذهب للخليفة الأموي في دمشق وجرحت رجله في أثناء السير من المدينة إلى دمشق، ولم تكن هناك عناية طبية فتقيحت، وحين أحضروا له الأطباء وقرروا قطع رجله، قال بعض الحاضرين : التمسوا له مرقداً أي دواء تخدير يجعله لا يحس بالألم، فقال : لا، فإني لا أريد أن أغفل عن ربي لحظة عين، فلما قطعوها أخذوها ليدفنوها، فقال هاتوها. فأحضروها له وأمسك بها وقال : اللهم إن كنت قد ابتليت في عضو فقد عافيت في أعضاء.
هذه نظرة المؤمن الذي لا ينظر إلى ما أُخذ منه بل ينظر إلى ما بقي له. وكذلك كان توجيه الحق لموسى عليه السلام، فقد أوضح له : لا تنظر إلى أني منعتك الرؤية، لا، بل انظر الاصطفاء وشرف الكلمة إلى الخالق واشكر ذلك. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon